الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية السياسية @ 2 – الأمــة العاجــزة


معلومات
تاريخ الإضافة: 18/8/1429
عدد القراء: 1016
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

- أيها المسلمون : لقد اختار الله أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم من بين الأمم ، وخصَّها بالفضل من بين الناس، ورفعها على العالمين.

- واختار لها أفضل الرسل ، وأكرمها بأحسن الكتب ؛ لتكون منارةً للناس، وقدوةً للسالكين، وحجَّة على العالمين.

- يرحم قويُّهم ضعيفَهم ، ويعطف كبيرُهم على صغيرهم ، ويرعى غنيُّهم فقيرَهم، لا يرضون بالظلم يقع ولو على الحيوان.

- إذا كانت الأزمات : تعاونوا وتكاتفوا حتى يدفعوها ، وإذا كانت المغانم : اشتركوا فيها جميعاً واقتسموها.

- لا يستأثر الأغنياء بالأموال ، ولا ينفرد الرؤساء بالسلطان ، تراهم كأنهم شخص واحد، لا يتميز بعضهم عن بعض.

- حتى إذا دارت الدوائر على المسلمين ، حين قسَتْ قلوبُهم ، ونسوا حظاً مما ذكروا به : تشتت شملهم ، وتمزقت أوصالهم، وافترقوا شيعاً وأحزاباً.

- وعادوا كما كانوا عليه زمن الجاهلية من التشتُّت والضياع، والفرقة والاختلاف، حتى ذهبت ريحهم، وضاع سلطانهم.

- فتحوَّلوا من أمة إلى أمم ، ومن جماعة إلى جماعات ، ومن فرقة إلى فرق، كلُّ حزب بما لديهم فرحون.

- حتى إذا تم شتاتهم ، وتقطَّعت أوصالهم ، وانفرط عقدهم : انفرد بهم أعداؤهم، واحداً تلو الآخر، يسومونهم سوء العذاب.

- لقد انفرد الكفار ببعض ديار المسلمين ، يسومون أهلها أشد العذاب ، يقتلون ، وينتهكون، ويسرقون.

- ثم يبقى المسلمون – في ظل الفرقة والشتات – عاجزين عن أن ينصر بعضهم بعضاً، أو أن يدفع بعضهم عن بعض.

- إن المسلم الصادق ليتقطَّع ألماً لما يلقاه إخوانه من الأذى والضيق والحرب، ثم لا نستطيع أن يقدم لهم شيئاً.

- يعتصره الألم ، وتُؤلمه الحرقة ، وهو قابع في موقعه بلا حراك ، عاجز عن أن يصنع شيئاً لإخوانه.

- لقد نجح أعداؤنا في تقطيع أوصالنا ، وتكبيلنا بالمواثيق والعهود الدولية، التي تمنعنا من نصرة إخواننا في الدين.

- حتى إذا تحرك أحدنا لينصر إخوانه : اتهموه بالإرهاب والإجرام ، وربما استصدروا في حقِّه قراراً من مجلس الأمن لحربه وإبادته .

- وأمَّا هم فإن أرادوا أن يخالفوا ميثاقاً من المواثيق الدولية : ألحوا بذلك على مجلس الأمن، فإن طاوعهم المجلس ، وإلا صنعوا ما شاءوا ، فلغة القوة لا يحكمها شيء.

- لقد خالف أعداؤنا كثيراً من المواثيق المتفق عليها في التعامل مع المسلمين : في مبدأ شنِّ الحروب ، ورعاية المدنيين، والمحافظة على المنشآت، وحماية الآثار التاريخية، وحسن التعامل مع الأسرى، لا يرون أنهم ملزمون بشيء من ذلك في حقنا.

- إن أعداءَنا لا يمكن أن يلتزموا تجاهنا بشيء من حقوقنا حتى يكونَ لنا قوةٌ يهابونها ويخشونها.

- وإن أعظم قوة يهابونها هي قوة الوَحدة والاجتماع، حين تكون الأمة يداً واحدة على من سواها.

- أيها الإخوة : أي عجز أصاب الأمة الإسلامية وهي تسمع وتشاهد ما يجري على أرض فلسطين؟!

- إن المسلمين في فلسطين منذ سنوات يُسامون سوء العذاب، من القتل، والتدمير، والتجويع، والاعتقال، والتشريد.

- وها هم الصهاينة يتوِّجون جرائمهم بحصار قاتل على المسلمين في غزة، مع قصف مستمر بالطائرات والدبابات.

- إنهم يموتون كلَّ لحظة موتاً جماعياً ، على يد شرذمة من شذاذ الأرض ، جُمعوا في فلسطين؛ ليكونوا شوكة في حلوقنا.

-  أما من دولة من دول المواجهة مع الكيان الصهيوني تشغلهم عن المساكين والمستضعفين في غزة؟!

- لمن يجمع العرب أسلحتهم ، إذا لم يستخدموها في مثل هذه الأيام؟! فمتى تراهم يستخدمونها؟!

- أما من شريف يُشعلها حرباً مقدَّسة على هذا الكيان البغيض الحقير، ليرى اليهودُ ومن وراءهم قوة المسلمين الحقيقية.

- لقد صمد الفلسطينيون في وجه الاحتلال ، وقدَّموا الكثير من أموالهم ومهجهم في سبيل الله تعالى.

- لقد صبر الرجل على هدم بيته ، وصبرت المرأة على قتل ولدها ، وصبر الشاب على الجراح والسجن والإبعاد .

- ولكن إلى متى يمكن أن يصمدَ هؤلاء وحدهم ، دون دعم مالي ولا سياسي ولا عسكري، ودول الكفر كلُّها تتعاون مع الكيان الصهيوني؟

- إن الشعوب الإسلامية تتطلع إلى عقد ميثاق شرف بين الدول الإسلامية ، يُلزمها بنصرة بعضها بعضاً، والدفاع عن بعضها البعض.

- وما لم يتخذ المسلمون التدابير اللازمة فإن عدوان المعتدين سوف يصلهم في ديارهم وأوطانهم، وعندها لا يجدون من ينصرهم.

- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ".

* * *

- أيها الإخوة : يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «ما من مسلم يخذل امرأً مسلماً في موضع تُنتهكُ فيه حرمتُه، ويُنتقص فيه من عرضه : إلا خذله الله في موطن يحبُّ فيه نصرته».

- وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً : « المسلم أخو المسلم ، لا يظلمُهُ ولا يُسلمُهُ » ؛ يعني :  
لا يتركه لأعدائه يفتكون به .

- اللهم إنَّا نجعلك في نحور أعدائنا اليهود ، ومَن خلفهم من الكفار المعاندين؛ اللهم نجِّ المستضعفين والمساكين في فلسطين.

- اللهم ثبت أقدامهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين .

- اللهم اغفر لنا تقصيرنا في نصرتهم يا أرحم الراحمين.