الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الإيمانية @ 23- محبة الرسول صلى الله عليه وسلم


معلومات
تاريخ الإضافة: 9/8/1429
عدد القراء: 1027
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

- خرج النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، حتى إذا قضى حاجته من سفره عاد إلى المدينة ، وفي طريق عودته وقف عند بستان من بساتين بني النجار .

- فإذا في البستان جمل ثائر هائج ، لا يدخل أحدٌ البستان إلا شدَّ عليه الجمل وهاجمه ، حتى أعياهم.

- وعندها أبلغوا النبي صلى الله عليه وسلم خبر الجمل، فجاء حتى دخل البستان فدعا الجمل ، فجاء واضعاً شفتيه على الأرض .

- ثم برك الجمل بين يديه أذلَّ ما كان ، ثم دعا بخطام فخطمه ، ودفعه إلى صاحبه، ثم التفت إلى أصحابه وقد ملأهم التعجُّب فقال : « إنه ليس شيء بين السماء والأرض إلا يعلم أني رسول الله ، إلا عاصي الجن والإنس ».

- وشكى مرة بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جملاً آخر قد استعصى على أهله لا يسقي لهم، وقد عطشوا ، وليس لهم جمل آخر.

- فقام النبي صلى الله عليه وسلم إليه ، فخافوا عليه من هيجان الجمل ، فقال : « ليس عليَّ منه بأس ».

- فلما نظر الجمل وأبصر الرسول صلى الله عليه وسلم : أقبـل نحـوه ، وخرَّ ساجداً بين يديه ، فأخذه الرسول صلى الله عليه وسلم من ناصيته أذلَّ ما كانت، ثم أدخله في عمله ليسقي أهله.

- يروي سفينة رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ركبت البحر ، فانكسرت سفينتي التي كنت فيها ، فركبت لوحاً من ألواحها ، فطرحني اللوح في أَجَمةٍ (وهي الغابة الصغيرة) فيها أسد ، فأقبل إلىَّ يريدني ، فقلت : يا أبالحارث أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطأطأ رأسه وأقبل إلي ، فدفعني بمنكبه حتى أخرجني من الأَجَمة ، وأوقفني على الطريق ، ثم همهم ، فظننت أنه يودِّعني ، فكان ذلك أخر عهدي به».

- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : « كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأقبل أعرابي ، فلما دنا منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين تريد ؟ قال : إلى أهلي، قال هل لك إلى خير ؟ قال : ماهو؟ قال : تشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله ، قال : هل من شاهد على ما تقول ؟ قال صلى الله عليه وسلم : هذه الشَّجرة ، فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بشاطئ الوادي ، فأقبلت تخدُّ الأرض خداً ، حتى كانت بين يديه ، فاستشهدها ثلاثاً فشهدت أنه كما قال ، ثم رجعت إلى منْبتها ، ورجع الأعرابي إلى قومه ، وقال: إن يتبعوني أتيتك بهم ، وإلا رجعت إليك فكنت معك ».

ــ وعن يعلى بن مرَّة الثقفي رضي الله عنه قال : بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : نزلنا فنام النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت شجرة تشقُّ الأرض حتى غشيته، ثم رجعت إلى مكانها ، فلما استيقظ ذكرت له ذلك فقال : هي شجرة استأذنت ربها عز وجل في أن تسلِّم عليَّ فأذن لها ».

- وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : « إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلِّم عليَّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن ».

- عن علي رضي الله عنه قال : « كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فخرجنا معه في بعض نواحيها فمررنا بين الجبال والشجر ، فلم نمر بشجرة ولا جبل إلا قال : السلام عليك يارسول الله ».

ــ قال عروة بن مسعود لقريش بعد أن لقي النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في الحديبية قبل فتح مكة: « أيْ قوم، لقد وفدت على الملوك ، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله إن رأيت مليكاً قطُّ يعظِّمه أصحابه ما يعظِّم أصحاب محمد محمداً ، فوالله ما تنخَّم نُخامة إلا وقعت في كفِّ رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلَّموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدُّون إليه النظر تعظيماً له ».

- وعن جحيفة رضي الله عنه قال : « رأيت بلالاً أخذ وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء ، فمن أصاب منه شيئاً تمسح به ، ومن لم يصب منه شيئاً أخذ من بلل يد صاحبه ».

- وعن أنس رضي الله عنه قال : « لقد رأيت رسول صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلقه ، وأطاف به أصحابه ، فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل ».

ــ وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : « ما كان أحبَّ إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أجلَّ في عيني منه ، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له ، ولو سُئلت أن أصفه ما أطقت ، لأني لم أكن أملأ عينيَّ منه ».

- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : " وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ".

*   *   *

- أيها المسلمون : إن من الحقائق الكبرى أن كلَّ ما في هذا الكون مخلوق من مخلوقات الله ، في ملكه وتحت سلطانه ، ويسير بنظامه وتدبيره ، لا يخرج شيء من ذلك عن مشيئته وتصريفه وقدرته.

ــ ثم إنَّّ كلَّ ما في هذا الكون يقوم بحق العبودية لله تعالى والخضوع لَهُ، ولا يشذُّ عن ذلك إلا عصاة الإنس والجن .

- ثم إن ما يجري في الكون من الأحداث الصغيرة والكبيرة ، إنما تجري بقضاء وتدبير سابق ، قد قدَّر الله كلَّ ذلك في الأزل .

- والله جعل في هذا الكون خواصاً من الأزمنة والأمكنة والأشخاص ، يرفع منها ما يشاء ، ويحطُّ منها ما يشاء ، وليس للمؤمن في ذلك إلا الإيمان والطاعة والاتباع .

- ومن هنا فقد فضَّل الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم على سائر مخلوقاته، وألزم الأنبياء وأقوامهم الإيمان به ، وطاعته واتباعه عند بعثته ، وعرَّف المخلوقات من الحيوان والنبات والجماد فضله ومكانته ونبوَّته ، فآمن به الجميع وأحبوه ، إلا عصاة الإنس والجن .

- يقول رسول صلى الله عليه وسلم : « إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم ».

- وقال : « أنا سيد ولد آدم ولا فخر » .

- وقال : « أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ».

- وقال : « أنا سيد الناس يوم القيامة » .

- وقال أيضاً:  « والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين » .

- أيها الإخوة : إنها المحبة الراشدة ، التي تغلغلت في القلوب ، فأثمرت الإيمان والاقتداء والشوق.

- الكل قد عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به وأحبه ، كلُّ من في السموات والأرض فما يضير رسول صلى الله عليه وسلم أن كفر به شرذمة من فجار الجن والإنس، عمَّا قليل يُساقون ذليلين حقيرين إلا جهنم وبئس المصير، حينها يشفي الله صدور المؤمنين بعذاب خصومهم من الكافرين .

- فاصبروا أيها المسلمون ، فإن موعدكم الحوض مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تغدون عليه مؤمنين غير منافقين ، متبعين غير مبتدعين .

- ينظر أحدكم إلَيْهِ بين جموع المؤمنين عند الحوض، يسقي هذا ، ويحتضن هذا، ويصافح هذا ، الكل يريد أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- فإياك أخي المسلم أن يُذاد بك عن حوضه، ويُؤخذ بك بعيداً عنه، قد خنت العهد ، وبدَّلت وغيرت.

- اللهم اجعلنا من حزب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اللهم أوردنا حوضه ، واسقنا بيده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبداً ، يا أرحم الراحمين .