الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ تراجم وشخصيات @ 3ـ قصة نبي الله نوح عليه السلام


معلومات
تاريخ الإضافة: 6/10/1427
عدد القراء: 1240
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

·    لما أراد الله أن يخلق بشراً يعمرون هذه الأرض ، ويعبدون الله تعالى: خلق آدم عليه السلام , وأسكنه الجنة, وحذَّره من كيد إبليس.

·    أخفق آدم وزوجهُ في الوقوف أمام إغراء إبليس بالخلد والملك, ووقعا في الخطأ, فأنزلهما الله إلى الأرض، وأمهلهما مع عدوِّهما إلى يوم البعث.

·          وبدأ على الأرض صراع جديد بين الحق والباطل, بين أولياء الله وأولياء الشيطان.

·    وقد تعهَّد المولى عز وجل أن لا يعذِّب أحداً حتى يقيم الحجَّة، ويوضِّح الطريق : ) وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (.

·    فمازال المولى عز وجل يبعث للناس رسلاً يهدونهم إلى الحق، ويرشدونهم إلى الطريق , فمن آمن نجا, ومن عصى هلك.

·          وقد كان أولُ رسول بعثه الله بعد آدم هو نوح عليه السلام, حين دبَّ في القوم الشرك ، وعبادة الأوثان.

·    لقد عاش بنو آدم ألف عام بعد آدم عليه السلام على التوحيد حتى بدأ فيهم الغلو في الصالحين, فاتخذوا لهم التماثيل ، ثم عبدوها بعد ذلك من دون الله تعالى.

·          بعث الله نوحاً إلى قومه بالهدى ليخرجهم من الشرك إلى التوحيد, فمكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً.

·    دعاهم بكلِّ الوسائل المشروعة, ذكرهم بالنعم, وحذَّرهم من النقم, دعاهم بالليل والنهار, فما آمن معه إلا قليل ، قيل إنهم ثمانون شخصاً.

·          وقد كان قومه قد تواصلوا جيلاً بعد جيل بالكفر بنوح, وعدم السماع منه: ) وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا (.

·    وكانوا يستنكرون عليه ألا يتبعه إلا الضعفاء والمساكين , وما كان لنوح أن يرفض أحداً يدخل دعوته, إنما بعث للجميع، غنيِّهم وفقيرهم ، عزيزهم وحقيرهم.

·    ولما أكثروا عليه في طغيانهم ، أراد أن يبين لهم حجمهم فقال: ) يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُم  عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ (.

·          ثم توجَّه عليه السلام إلى ربه عز وجل فدعا ربه :  ) أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ (.

·    فكان الأمر من الله بصناعة السفينة العظيمة, فشرع في صناعتها, وقومه يسخرون منه, ويقولون له : » من نبي إلى نجار «.

·    وقد يأَّس المولى نبيه من إيمان غير من آمن, ومنعه من الدعاء لهم أو الاستغفار لهم , ) وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ (.

·    وجعل الله تعالى بداية العذاب علامة بينه وبين نوح عليه السلام ، وهي فوران التنور, وظهور الماء فيه, فأمره بحمل من كلِّ زوجين اثنين ، مع حمل جميع المؤمنين.

·          ثم بدأت الكارثة العظيمة , إنَّه الماء المتدفق من كلِّ مكان ، ولا مفرَّ لأحد إلا لأهل السفينة بإذن الله :  ) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْر قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ (.

·    شيءٌ مهول, إنه الطوفان, الذي لا يقوم له شيء, حتى يعلو الجبال, ولا شيء يتطاول عليه، لقد انتهت حياة الجميع إلا أهل السفينة، أبقاهم الله تعالى لتبدأ البشرية من جديد على التوحيد الخالص لله تعالى.

·    وفي خضم الأحداث وتدفُّق المياه ، يشاهد نوح ابنه المغرور بفتوته, فتدب فيه عاطفة الأبوة الملهوفة على هذا الفاجر الخبيث:)  يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (, كيف يركب معك يا نوح ؟ إنها سفينة التوحيد, لا يطأها إلا أهل التوحيد.

·    فلما أراد الله غوايته: ) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (.

·    فما زال هذا الخبيث لا يثق بأبيه النبي الكريم إلى آخر اللحظات, مما يدل على إمعانه في الكفر والطغيان والضلال, على شاكلة قومه.

·    لقد عمَّ الماء الأرض كما جاءت بذلك الأخبار, حتى علا الماء رؤوس الجبال, ومكث أهل السفينة أشهراً عليها , يخوضون غمار الماء , حتى خرجوا منها حين انحسر الماء, وظهرت اليابسة.

·          لقد خرج أهل السفينة على الأرض من جديد ليبدأوا مسيرة أهل التوحيد, كما بدأها آدم من قبل.

·     أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (.

·          نعم بعداً وسحقاً للقوم الكافرين المتكبرين المكذبين.

^   ^   ^

·          إن لهذه القصة عبراً عظيمة, ومواقف جليلة , لابد من الوقوف عندها,  ومن هذه العبر:

·          حاجة البشرية بصورة دائمة إلى هداية الرسل وإرشادهم,  فإن عقولهم لا تهديهم دائماً إلى الحق.

·          الصبر العظيم الذي كان عليه نبي الله نوح عليه السلام حتى أصبح من أولي العزم من الرسل.

·    خطر البيئة السيئة على الإنسان , حتى تمكَّنت هذه البيئة من إفساد زوجة نوح وابنه, فوصل تأثيرها السلبي إلى بيت الداعية وعرينه الخاص.

·          الوعي بصورة دائمة أن أهل الحق قليل: ) وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (.

·          إن العقوبات الربانية لا يقدر عليها أحد: ) لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ (.

·    إن الهلاك والدمار والخسف لابد حاصل لأهل الباطل,  إن عاجلاً
أو آجلاً.

·    إن الرابطة الحقيقية بين المؤمنين هي رابطة التوحيد, وليست الدم أو القرابات: ) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (.

·    إنها الأبوة الحانية الملهوفة,  يريد النجاة لابنه, والله لا يقبل إلا أهل التوحيد, فلا واسطة ولا شفاعة لغير أهل التوحيد, حتى مع نوح بعد أن خدم في الدعوة ألف عام, فلا مجاملة في التوحيد.