الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الإقتصادية والسياسية @ 4ـ قصة اليهود مع أرض فلسطين


معلومات
تاريخ الإضافة: 6/10/1427
عدد القراء: 1186
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

الخطبة الأولى:

الحمدُ لله القائل في كتابه العزيز: ) سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْـمَسْجِدِ الْـحَرَامِ إِلَى الْـمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ * وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً * ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا * وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْـمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا * عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا( .

الحمدُ لله العزيز في سلطانِهِ، العظيمِ في صفاتِهِ، الحكيمِ في أفعاله، أحمدُهُ وأستعينه ، وأستغفره، وأتوب إليه. ما من نعمة إلا بجوده نزلت، وما من نقْمةٍ إلا بظلمنا حصلت . اللهم إليك نرفعُ شكوانا، وعند بابك نحطُّ مطايانا، قد كثُرت علينا الخطوب، وأختلطت علينا الدروب. اللهم نشكو إلىك ضعف قوَّتنا، وقلَّةَ حيلتنا، وهوانَنَا بين الشعوب. اللهمَّ قلَّ النصير، وكثرُ الأعداء، وأنت الواحدُ الأحدُ، بكَ نصولُ، وبك نجول، وعليك نتوكَّلُ، وبكَ نستعين، ولا حول ولا قوة إلا بك.

أيها المسلمـون: إنَّ الناظـرَ في أحـوال العالم الىـومَ لا يخفى عليه ما وصلَ إليه اليهودُ من القوةِ والبطشِ والتمكينِ، وما دأبوا عليه من الظلمِ و الطغيانِ، والفسادِ والإفسادِ. في زمنِ ضعفِ المسلمينَ، وتمكُّنِ الكافرينَ. فقد بلغ نفوذهم إلى العديد من مرافقِ العالمِ الحيويةِ، ووصلَ سلطانُهم إلى كثير من مواقعِ القراراتِ الدوليةِ، مما دفعَ بهم إلى مزيدٍ من الممارسات التعسُّفيةِ، والأعمال التخريبية، من القتل والتشريد والنهب، وتدنيس المقدَّساتِ، وهتكِ المحرماتِ، على مسمعٍ ومرْأىً من العالم، وبعلمِ الأممِ المتحدةِ، ومجلسِ الأمنِ.  في وقت يزعمُ فيه السَّاسةُ والقادةُ: أنَّ العالمَ يتقدمُ في ظلِّ العولمة إلى عصر الوحدة البشرية، والأخوة الإنسانية، ليعيشَ أمَّةً واحدةً في سلمٍ وسلامٍ، وأمنٍ وأمان. ولئن كان هذا الأمل في السَّلامِ والأمان ممكناً من أيِّ أمَّةٍ من الأمم: فإنه من المستحيل أن يكون من أمَّةِ اليهود؛ لأن من أصول دينهم المحرَّفِ: تحريمَ عقدِ العهودِ مع غير اليهود، وأنَّ الله كلَّفَهُم حسب زعمهم - سفكَ الدِماء؛ إذ لا يقومُ لهم دينُهُم إلا على أشلاءِ الناسِ ودمائِهِم. والناظرُ في تاريخهم على أرضِ فلسطينَ منذُ خمسينَ عاماً: يجدُ هذا المعتقدَ الخبيثَ واضحاً في ممارساتهم مع الأبرياء، في سفكِ دمائِهِم، والقيامِ بالمجازر المتعددة، وحمَّامَاتِ الدَّمِ الجماعية، في صور من الوحشيةِ والهمجيةِ، تأباها أبسطُ المبادئ الإنسانيــــة، وتُنْكِرها جميعُ الأعرافِ الدولية.  في الوقت الذي لا يزالُ فيه الحالمونَ يسعون لإبرامِ سلامٍ معهم، يكونُ فيه الالتزام من طرف واحد، في حين لا يرى اليهودُ ضرورَة الالتزام، ما دام أنَّ حقَّ الفيتو في مجلسِ الأمنِ يحميهم من بطشِ المجتمع الدولي، ويمنعُ الدولَ العربيةَ من التحرُّكِ الإيجابي.

أيها الأخوة الكرام: إنَّ أمَّةَ اليهودِ قد خانت اللهَ تعالى في قبيح معتقدهم في ذاته وصفاته وأفعاله، فقد دوَّنت كتبُهُم المقدَّسَةُ المحرَّفَةُ كلاماً في ذاتِ الله تعالى وصفاته وأفعاله لا يجرؤُ عليها الشياطين، من قبيح الصِّفاتِ وساقطِ الأعمال، إضافةً إلى ما نسبوه إلى أنبياء الله تعالى من سيئ القولِ والفعل، وما انتهكُوهُ من حرمةِ قتلهم، إلى جانب سَعْيهم بالفسادِ في الأرض، وإشعال الحروبِ، وتفريقِ الجماعات، ونشرِ القبائح والرذائل، حتى إنَّكَ لا تكاد تجدُ نِحْلةً باطلةً، أو عقيدةً فاسدةً، أو سجيةً ساقطةً: إلا وجَدْت خلفها بعضَ اليهود.  فقد جَمعوا الشر بأنواعه، وحازوا السوء بأشكالِهِ، حتى ضربوا من كلِّ قبيحة بسهم، ونالوا من كلِّ رذيلة بنصيب.

وأما ما يظنُّهُ بعضُهُم من أن لليهود حقاً في أرض فلسطين، فهذا باطلٌ من كلِّ وجه، فإنَّ أرضَ فلسطينَ: أرضٌ لأهلِ التوحيدِ والإيمان، ممن أسلموا وجوهَهُم لله تعالى خالصةً من الشرك والوثنية، من أيِّ جنسٍ كانوا: عرباً أو عجماً، فلا علاقة لفلسطين بجنس من الأجناس، وإنَّما علاقَتُها بأهل التوحيد في كلِّ زمان ومكان. فإنَّ أولَ من بنى بيتَ المقدسِ هو آدم عليه السلام، ثم تعاقبَ عليه الأنبياء، حتى جدَّدَهُ إبراهيمُ عليه السلام، ثم جدَّدَهُ سليمان عليه السلام، ثم نالهُ الفتح الإسلامي في عصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وكان طَوالَ هذا التاريخِ الطويلِ ضمنَ سلطانِ أهل التوحيد في غالبِ أحوالهِ إلا فتراتٍ من الزمن سيطرَ فيها أهلُ الشرك والكفر على بيت المقدس وأرض فلسطين، فكان أهلُ التوحيد ينتزعونَهَا منهم كلَّ مرةٍ حتى كان آخِرُهَا في زمن صلاح الدين حين انتزعها من النصارى الصليبيين، بعد أن استباحوها قريباً من مائةِ عامٍ.  ثم استمرت تحتَ سلطانِ أهل التوحيدِ حتى سقوطِ الدولةِ العثمانية، قبل أقلَّ من مائةِ عامٍ تقريباً، حين تآمرَ اليهودُ والإنجليزُ والمنافقونَ على تسليم اليهود أرضَ فلسطين، فعمِلَ الإنجليزُ على تمكين اليهود في فلسطين حين كانوا مستعمرينَ لها، وأمَدُّوهم بالسلاح والمال والخيرات، ثم خرجَ الإنجليزُ من فلسطين وقد تمكَّنَ اليهود منها، فأعلنوا دولتَهُمُ المشئومة، فكان الأمريكانُ أوَّلَ المعترفين بها، وأعظمَ المحتضنين لها، ثم تعاقبت بعد ذلك َدولُ أوروبا بالاعتراف والدعم المادي والمعنوي، حتى أصبحَ للدولَةِ الوليدةِ قوةٌ وسلطانٌ لا تجده في دولٍ عمَّرتَ مئاتَ السنين.

أيها الأخوة الكرام: هذهِ قصَّةُ دولةِ اليهودِ البغيضةِ التي قامت على الباطل، وعاشت بالباطل، وهي الآنَ تسيرُ إلى الباطلِ .  وما كان اللهُ ليمكِّنَ لأرذلِ أعدائِهِ في الأرض، لو لا أنَّ أهلَ التوحيدِ فرَّطوا في دينهم، فإنه لا مكانَ لليهودِ بين أشبالِ أسودِ التوحيد، وحماةِ العقيدة والدين، ولكن عندما يرجعُ المسلمون إلى دينهم، ويعرفون أسباب عزِّهم، ويضعون أيديَهُم على مواقعِ القوة فيهم، فعندها، وعندها فقط ينتظرون مدَدَ الله بالنصر والتمكين ، ولن ينفعَ اليهودَ حينئذٍ، ولا من خلفهم من دول الكفر والطغيان : سلاحٌ ولا قوة، حين ينطِقُ الشجرُ والحجـرُ: يا مسلمُ يا عبد الله هذا اليهودى خلفي فتعال فاقْتله.

أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّـهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَـهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (

أقولُ ما سمعتم وأستغفر الله تعالى لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله على آلائِهِ، والشُّكْـــرُ له على توفيقِهِ وامتِنَانِهِ، أشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشَأْنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الدَّاعي إلى رضوانه، أما بعد:

فإنَّ الشخصيةَ اليهوديةَ لا يمكِنُ أن تُفْهَمَ على حقيقتها بعيداً عن القرآنِ الكريم، وسنَّةِ سيِّد المرسلين عليه الصلاة والسلام، فقد استفاضَ القرآنُ الكريمُ والسنَّةُ النبويةُ في الحديث عن اليهود، وقد سجَّل كلٌ من القرآنِ والسنَّةِ مواقفَ اليهودِ عبرَ تاريخِهِمُ الطويل، وأساليبهم في التعامل مع غيرهم، وما اشتملت عليه نفوسُهم من قبيحِ الطباعِ، ورذيلِ الأخلاقِ، حتى استحقوا من الله تعالى اللعنةَ والغضبَ، فجعلَ منهُمُ القردةَ والخنازيرَ، وكتبَ عليهم الذِّلَّةَ والمسكَنَةَ.

ومازال اليهودُ منذُ انحرافهم عن دينهم, ومخالفتهم لأنبيائهم: يتخبَّطون في دروبِ الغوايةِ والضلالِ، فلا ازدادوا من الله تعالى إلا بعداً، ولا يزْدادونَ في قلوبِ الناسِ إلا بغضاً.  ولئن كانوا اليوم قد وصلـوا إلى ما وصلوا إليه من القوة والتمكينِ، فإنما ينتظرون ساعة – هم أكثر بها إيماناً منا – تزول فيها دولَتُهم، ويذهبُ فيها سلطانُهُم، ويعودونَ كما كانوا أذلةً مُتَمَسْكنين، يسْتَجْدونَ عطفَ الناس ورعايَتَهُم. ولكنَّ هذا لن يكونَ من خلال مؤتمرات السلام والاستسلام، ولن يكون من خلال ِالشجْبِ والاستنكار، وإنَّما يكونُ من خلال الجهاد في سبيلِ الله، من خلال صيحَةِ: اللهُ أكْبَرُ، التي تُزلزلُ حُصونَهم، وتُرهِبُ قلوبَهم، وتُعيدُهُم إلى حجمِهِمُ الطبيعي، وشكْلِهِمُ الحقيقي : في صورِ القردةِ والخنازيرِ، أذلةً صاغرين.

إنَّه الجهادُ أيها الإخوة، إنَّهُ الجهادُ الذي يتعشَّقُةُ كلُّ مسلم، ويتمنَّاهُ كلُّ مؤمن، ومنْ هذا الذي لا يتمنى أن يموتَ في سبيلِ الله، ومن هذا الذي لا يحدِّثُ نفسَهُ بالجهاد. فلو قُدِّرَ أن فُتحت جبهةٌ مع اليهود، وفُتِحَ بابُ التطوُّع في سبيلِ الله على أرضِ فلسطين، لتسابقَ المسلمونَ إلى الفداء، ولتقدَّمَ الملايينُ من الكبار والصغار، ليدوسوا اليهودَ بأقدامِهِم، ويُزيلوا شَبَحَ أوهامِهِم، فإنَّ الذي قاتَلَ على جبالِ أفغانستان، وفي بلاد البلقان لن يتأخَّرَ عن القتالِ في فلسطين.

اللهمَّ العَنِ اليهودَ، ونجِّ المستضــعفينَ، وانصــرِ المجاهـــدينَ يا أرحم الراحمين، فإنه لا منجى ولا مخرج لنا إلا إليكَ يا أكرمَ الأكرمين.