الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ تربية الشباب @ 9- حاجة الأمة إلى الشباب


معلومات
تاريخ الإضافة: 9/9/1429
عدد القراء: 4921
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

- أيها الإخوة : لقد استقرَّ عند العقلاء أن الشباب في أي أمةٍ هم عمادها، وسرُّ قوتها، وأساس نهضتها.

- فالأمم قاطبة تعتمد على شبابها في خطط تنميتها، وازدهار بلادها، والدفاع عن حياضها.

- فالشباب القوي المتعلم العامل: هم ذخيرة الأمة في مسيرها نحو التفوق والاستقلال والنهضة.

- فالابتكار والتجديد والتطوير : من وظائف الشباب العقلية، والإنشاء والتعمير والتشييد من وظائفهم العملية.

- ويكفي للحكم بالصلاح أو الفساد على بلد من البلاد بالنظر إلى واقع شبابها من جهة : الجد والحرص والمثابرة.

- وأي أمةٍ تخسر شبابها فقد خسرت حياتها ؛ فإن البلاد لا تقوم بالأمراء والرؤساء ، ولا بالشيوخ ولا بالأموال والمنشآت، وإنما تقوم بالشباب.

- فمن هذا الذي يحرك الآلة، ويشقُّ الطريق، ويرفع البناء، ويرد العدو، ويعمرُ المدارس والجامعات، إنهم الشباب.

- نعم إن الأمم لا تستغني عن علمائها وأمرائها وشيوخها في نظراتهم وتوجيهاتهم وحكمتهم، ولكن يبقى الشباب قاعدة النهضة، وعصب الحياة، وإلا فمن ينفذ أوامر الأمراء، ومن يأخذ بتوجيهات الحكماء، ومن يجلس لدروس العلماء، إنهم الشباب.

- أيها الإخوة : ولئن كان منهج الإسلام قد اهتم بالإنسان في جميع مراحل عمره، فقد خصَّ مرحلة الشباب بمزيد اهتمام ورعاية.

- فقد زكى الله تعالى الفتية الذي اعتصمــوا بالكهـــف، ووصفهم بالإيمان: " إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ".

- ووعد سبحانه وتعالى الناشئ من الشباب في عبـادة الله أن يكون في ظلِّه يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظل الله تعالى ، ففي الحديث: « سبعة يُظلُّهــم الله في ظلِّه يــوم لا ظـلَّ إلا ظلُّه – وذكر منهم -: وشاب نشأ في عبادة الله ».

- وخصَّ الله تعالى مرحلة الشباب بمزيد سؤال يوم القيامة ، ففي الحديث: «لا تزول قدم ابنِ آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسألَ عن خمس – ومنها : وعن شبابه فيم أبلاه».

- ولما كانت مرحلة الشباب مرحلة عطاء وقوة وإنتاج : وجَّه الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم لاغتنامها فقال: « اغتنم خمساً قبل خمس – وذكر منها -: وشبابَكَ قبل هرَمِكَ».

- ولقد اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته بجيل الشباب، حتى كان جلُّ أتباعه من فئة الشباب ؛ لما انطوت عليه طباع الشباب من الرقة، والرغبة في الخير، والشجاعة والإقدام، فكان منهم الشجعان من أمثال : البراء بن مالك، وأبي دجانة، وعامر بن فهيرة، وكان منهم القادة من أمثال: علي بن أبي طالب، وجعفر بن أبي طالب، وأسامة بن زيد، وكان منهم الحفاظ والعلماء من أمثال: ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو، رضي الله عنهم جميعاً.      

- ثم توارثت الأمة الإسلامية هذا المنهج في الاهتمام بالشباب جيلاً بعد جيل، حتى كان العصر الحديث، الذي ظهرت فيه الأمة، وكأنها لا تحسن شيئاً، فخرجت أجيال من أبناء المسلمين على غير النهج الصحيح.

- لقد ظهر على كثير منهم الوهن والكسل، والميوعة والخلاعة، وعمَّ كثيراً منهم الجهلُ والترف، والاستخفافُ بالمبادئ والقيم.

- وأعجب من هذا أن يخرج من شبابنا من يسعى في تحطيم الأمة من خلال التكفير والتفجير، فلا يميِّز بين مؤمن وكافر ، وبين معاهد ومحارب.

- لقد أخفقنا للأسف في كلِّ شيء حتى في تربية أبنائنا، فأسلمناهم للفضائيات وشبكات الإنترنت تربيهم وتوجههم.

- وها هي ثمار تقصيرنا وتخاذلنا في أجيال من الشباب خرجت لغيظنا وإرهاقنا، بين متطرفٍ ومفرط، وغالٍ وجافٍ.

- لقد ظهرت هشاشة تربيتنا المعاصرة حين غُزينا فكرياً ، فاستُخِفَّ ببعض شبابنا في مسالك الغلو والتطرف، واستخف ببعضهم في مسالك الفساد الخلقي، وإذا بنا نعود في تربيتنا من حيث بدأنا، وكأننا ما عملنا شيئاً.

- إن الشباب طاقة جبارة متحرِّكة ، لا تقبل الوقوف ولا السكون ، إما أن توجَّه إلى البناء والصلاح، وإما إلى الفساد والضياع والتدمير، فهم طاقة لا تقبل السكون ولا الوقوف.

- ثم لننظر في واقعنا: كم هيأنا لشبابنا من فرص الصلاح؟ وكم هيأنا لهم مقابل ذلك من فرص الضياع والفساد والفتنة؟

- واعلموا- أيها الإخوة- أن الشباب لا يصطنعون الأزماتِ والمشكلاتِ، وإنما يعكسون واقع المجتمع من حولهم إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.

* * *

- أيها المسلمون : إن معاول الهدم في مجتمع اليوم كثيرة، وأدوات البناء فيه قليلة، وهذا يحتِّم علينا مزيد جهد في التربية والإصلاح.

- فالشباب في حاجة إلى المربي القدوة، والأسرة المستقرة، والمدرسة المتفوقة، والإعلام الهادف، والعمل الاقتصادي المنتج.

- إن الشباب في حاجة إلى أمة قوية عزيزة ينتسب إليها، يشعر بالأمان والاطمئنان في ظلِّها.

- إن الشباب لا يرضى بالذل لأمته أمام دول الكفر حتى وإن أدَّى ذلك إلى سفك دمه، إنها طبائع الشباب شئنا ذلك أم أبينا.

- " رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ".