الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الدعوية @ 4 – الحرب الخاسرة على القرآن الكريم


معلومات
تاريخ الإضافة: 18/8/1429
عدد القراء: 858
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

- أيها المسلمون : مازال الله تعالى يكلأ البشرية المستخلفة في الأرض بوحيه المبارك ، الذي أنزله على رسله الكرام، يهدي إليه من يشاء، ويضل عنه من يشاء.

- وما زالت البشرية تقابل هذه النعمة الربانية : إما بالتكذيب ، أو بالتحريف والتبديل ، إلا بقايا قليلة من أهل الحق لم يكذبوا ولم يبدِّلوا.

- وبقيَ الناس خمسة قرون من الزمان بعد رفع عيسى ابن مريم عليهما السلام ، لا يهتدون إلى شيء، فالكتب محرَّفة، والوحي منقطع، والضلال عام.

- فمن أراد الهدى من الناس تخبَّط واحتار بين الأحبار والقساوسة والرهبان، يكفِّر بعضهم بعضاً، ويلعن بعضهم بعضاً.

- حتى إذا ضاقت الأرض بأهلها ، وبلغ الضلال منتهاه ، ويئست البشرية بما في يدها : أذن الله بالفرج من جديد.

- إنه الوحي المبارك من جديد ، إنه الروح الذي تحيا بها الأبدان، إنه النور الذي تستضيء به العقول، وتنشرح به الصدور.

- إنه القرآن الكريم، ولكن هذه المرة ينزل الوحي المبارك على رجل من العرب، وليس على رجل من بني إسرائيل، إنه محمد سيد الناس، وأفضل البرية صلى الله عليه وسلم.

- لم يكن هذا الاختيار الرباني ليروق لليهود والنصارى، الذين لم يعودوا أهلاً لحمل رسالات الله تعالى، بعد أن حرَّفوا وبدَّلوا.

- فبدلاً من أن يؤمنوا ، ويذعنوا لأمر الله : إذا بهم يكفرون ويعاندون، ولم يؤمن منهم إلا القليل ، ممن أراد الله بهم خيراً.

- بل إن جماعات من اليهود والنصارى في القديم والحديث انبرت محاولة العبث في القرآن، والرد عليه، ومحاولة تحريفه وتبديله.

- فإذا بهم يواجهون وحياً غير الوحي السابق ، وكتاباً غير الكتب السابقة، إنه كتاب يستعصي على العبث والتحريف والتغيير.

- إنه كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، إنه تنزيل من حكيم حميد، إنه المعجزة المحمدية الخالدة، إنه التحدي للبشرية كلِّها إلى قيام الساعة.

- لقد عجز البلغاء في زمن التفوق اللغوي أن يعارضوه ، ولو بسورة من مثله، فما بال الأعاجم ماذا تراهم يصنعون معه ؟!

- حتى إذا يئس أعداء القرآن من العبث به، وتحريفه، وتبديله : عمدوا إلى محاربة المصحف في ذاته : بمنعه وتغييبه عن الناس.

- فكانت الحرب شرسة في هذا العالم على كل ما له علاقة بالقرآن : حرب على حفظته ، وعلمائه، ولغته، والسنة الشارحة له.

- حتى مرَّ زمن على بعض البلاد المعاصرة أن تضع قانوناً يعاقب من يحوز أوراقاً من المصحف بالإعدام، أو السجن المؤبَّد.

- فقد مرت على بعض المسلمين أوقات عصيبة ، تخفَّوا فيها بالقرآن ، حتى عن الزوجات والأولاد، يخافون العقاب.

- لقد عمل أعداء القرآن على إبعاده عن القوانين والتشريع ، فلا مكان له بين التشريعات والقوانين.

- وعملوا على التعمية عليه بالغناء والموسيقى والطرب، حتى لا يجد المسلم سَلْوَتَهُ في قراءته، والتغني به.

- وعملوا على محاربة مدارسه ومعاهده ، والسعي في إغلاقها والتضييق عليها.   

- لقد عمل أعداء القرآن كلَّ ما يستطيعون لمحاربته ، ومع ذلك بقي القرآن رغماً عنهم شامخاً عالياً مقدساً ، قد استعصى على كلِّ ذلك.

- " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ".

- إن عُشر معشار هذه الحروب المستمرة منذ البعثة المحمدية لو وقعت على كتاب غير القرآن لما بقِيَ منه حرف يُحفظ فضلاً عن أن يُقرأ أو يُعلَّم.

- إن الأعداء بمحاربتهم القرآن إنما يحاربون الله جل جلاله، ومن هذا الذي يطيق محاربة الله تعالى .

- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : " يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ".

* * *

- أيها الإخوة : لقد استقر في نفوس المسلمين حرمة المصحف الشريف ، وضرورة تعظيمه وتقديسه، واحترامه وإجلاله.

- فلا يمسُّ المصحف إلا مسلم طاهر ، ولا يمكَّن منه الطفل فيعبث به ، ولا يُوضع في مكان منخفض بحيث يُمتَهن أو يُوطأ.

- وحتى التلاوة فلا يتلوه الجُنُبُ ، ولا يتلفظ بآياته في المكان القذر ، بل يقرؤه على أكمل وأجمل حال.

- إن أفسق رجل من المسلمين لا يجرؤ أن ينال المصحف الشريف بسوء ، مهما بلغ فسقه وفجوره ، فتعظيم المصحف قد استقرَّ في النفوس.

- أَبَعْدَ هذا التعظيم لهذا الكتاب المقدَّس عند أكثر من مليار مسلم يجرؤ ملاعين الديموقراطية الأمريكية على تدنيسه وإهانته، حين يئسوا من مساجين مسلمين قد اعتزوا بإسلامهم، فأخذوا يعذِّبونهم بإهانة المصحف أمامهم ؛ لما علموا من تعظيمهم له.

- إن المسلم التقي لا يجرؤ أن يُهين التوراة ولا الإنجيل رغم ما وقع فيهما من التحريف؛ لما يعلم من نسبتهما إلى الله تعالى، فكيف بالقرآن العظيم؟!

- إن ما يتفلَّت من أخبار السجون الأمريكية في « جوانتنامو » ، وما يجري فيها هو أمر مقصود ، إنما يُراد به إهانة المسلمين عموماً ، والعرب على وجه الخصوص.

- إنه الحقد الدفين ، والعداء القديم المتجدِّد ، الذي ملأ القلوب المظلمة ، المتزينة بشعارات الديموقراطية والحرية ، ووثائق حقوق الإنسان.

- ألا لعنة الله على هذه الديموقراطية الباطلة ، ولعنة الله على الكافرين المعاندين المحاربين من الأمريكان والبريطانيين والمعتدين.

- اللهم سلِّط عليهم ما يشغلهم في بلادهم عن بلاد المسلمين ، اللهم فرق جمعهم، وشتت شملهم، ورد كيدهم إلى نحورهم يا رب العالمين.

- اللهم احفظ كتابك شامخاً عالياً ، وطهِّرْه من مسِّ الكافرين والمعتدين.