الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية السياسية @ 4 – مبشرات النصر والتمكين


معلومات
تاريخ الإضافة: 18/8/1429
عدد القراء: 3838
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

- أيها المسلمون : أينما نظر المتأمــل في واقع المسلمين اليوم: دخله الألم والحزن ، على أمةٍ جمعت : الفقراء والمساكين والمضطهدين والمظلومين والمحرومين.

- أينما نظر وجد المسلمين لا يكادون يُحسنون شيئاً ، لا من أمور دينهم ولا من أمور دنياهم، قد أخفقوا في كلِّ جانب، وكأنهم ما كانوا شيئاً في السابق، وكأنهم ما ازدهرت بهم الحياة يوماً، وكأنهم ما عرفوا المجد ولا التمكين ولا النصر في حياتهم قط.

- جموعهم مشتَّتة ، ودولهم مفكَّكة ، وثرواتهم مبدَّدة ، وقواهم خائرة ، وقراراتهم ضائعة، ما أفلحوا في دين ولا دنيا.

- إن هذا الواقع المؤلم ليدعو المسلم المعاصر إلى اليأس والقنوط والتشاؤم ، أيكون بعد هذا الذلِّ عِزٌّ؟ أيكون بعد هذا الضياع رشدٌ، أيكون بعد هذه الفرقة وحدة؟ أيكون بعد هذا الظلام فجر؟

- لقد أدَّبنــا ديننــا أن لا نــيأس ولا نتشاءم ، ولا نقنــط ، كما قال تعالى : " وَلاَ تَيْأَسُــواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَـوْمُ  الْكَافِرُونَ ".

-وقال على لسان إبراهيم عليه السلام: " قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ ".

- ولما سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الكبائر قال: « الشرك بالله والإياس من روح الله، والقنوط من رحمة الله ».

- وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحبُّ الفأل الحسن ، ويكره التطيُّر والتشاؤم في جميع أحواله مهما كانت صعبة وقاسية، وهذا كان واضحاً في نهجه وسيرته.

- كيف ييأس المسلم والله تعالى يقول : " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ".

- ويقول أيضًا : " إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ".

- ويقول أيضاً : " ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ ".   

- ويقول أيضاً : " وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ".

- ويقول أيضاً : " إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ".

- ويقول أيضاً : " إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ".

- ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « بشِّر هذه الأمة بالتيسير والسناء والرفعة بالدين والتمكين في البلاد والنصر ».

- ويقول صلى الله عليه وسلم أيضًا : « إن أمتي مثل المطر ، لا يُدرَى أولُهُ  خير أم آخره» .

- ويقول صلى الله عليه وسلم أيضاً : « لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم فيه بطاعته إلى يوم القيامة».

- ويقول صلى الله عليه وسلم : « إن الله زوى لي الأرض – يعني جمعها – فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكُها ما زُوي لي منها».

- ويقول صلى الله عليه وسلم : « ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، لا يترك الله بيت مدرٍ – يعني حجر – ولا وبر – يعني بيوت الشعر – إلا أدخله هذا الدين، بعزِّ عزيز أو بذل ذليل، عزاً يُعزُّ الله به الإسلام، وذلاً يُذل به الكفر ».

- أيها المسلمون : هذا هو الوعد الحق، هذا وعد الله ووعد رسوله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين من أهل الحق، من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

- وهذا تاريخ البشرية شاهد على صدق وعد الله ووعد رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ ألم ينتصر لنوح، وصالح، وإبراهيــم عليهم الســلام ؟ ألم يهلك ثمود وعاداً والفراعنة ؟

- ألم ينصر رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم ومن معه ؟ ألم ينصر المسلمين على التتار، والصليبيين، والمستعمرين، والشيوعيين من الاتحــاد السوفياتي في أفغانستان ؟

- من كان يظن أن الاتحاد السوفييتي يزول، ويصبح ذكرى في مزبلة التاريخ؟! وهو مصير دول الكفر المعاندة، التي تنتظر دورها إلى مزبلة التاريخ، ولن يبقى إلا ما كان لله تعالى وحده.

- ولكن هذا الوعــد من الله تعالى مرهون بالصدق مع الله والثبات على الدين : " وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ".

* * *

- أيها الإخوة : إن اليأس والتشاؤم والقنوط ليس من خلق المسلم، مهما كانت ظروف الحياة قاسية ومؤلمة .

- إن الأمل والفأل الحسن ووعود الله تعالى وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم هي سلوى المسلمين اليوم، وراحة بالهم في زمن كثر فيه اليائسون والمتشائمون.

- لقد وُعدنا بالفتوح العظيمة في أوروبا في مستقبل الحياة، ووعدنا بالمهدي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ووعدنا بعيسى عليه السلام يكسر الصليب، ويضع الجزية، ويُهلك الله جميع الملل في زمنه إلا الإسلام، وتكثر الخيرات والبركات، وتخرج الأرض كنوزها.

- كل ذلك آتٍ في وقته بإذن الله تعالى : " وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " .

- وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: « والله ليُتِمَّنَّ الله تعالى هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت فلا يخاف إلا اللهَ والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون».