11- مسؤولية المؤسسات التعليمية والواقع المؤلم

- أيها الإخوة : لا يخفى على أحد من المسلمين فضل العلم والتعلم، ومكانة العلم والعلماء في الإسلام.

- قال الله تعالى: " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ".

- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الدنيا ملعونة، ملعونٌ ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، وعالماً ومتعلماً ».

- إن المؤسسة التعليمية لا تكون مؤسسة تربوية بحق إلا أن تقوم بواجبات ضرورية منها:

- تحقيق التربية الإسلامية في المجتمع، بمعنى نقل معايير المجتمع إلى النشء ، وتربيتهم عليها.

- المحافظة على التراث الإسلامي؛ وذلك من خلال نقله بأمانة من جيل إلى جيل.

- توحيد الرأي العام على المذهب الحق في : العقيدة والسلوك والأخلاق.

- إحياءُ حبِّ العلم في نفوس الطلاب؛ حتى يصبح جزءاً من كيانهم.

- تحقيق القناعة لدى الطلاب بالمعارف التي يتلقونها؛ فلا يكون العلم لمجرد الشهادة، بل للعمل به.

- تكوين الأخلاق لدى الطلاب وتنميتها، ومساعدتهم على ضبط سلوكهم بحيث تصبح المؤسسة التعليمية ساحة لتطبيق المعارف والآداب السلوكية.

- الصمود أمام متغيرات الحياة الاجتماعية الحديثة، التي تسعى لإفساد النشء، والذهاب بهم بعيداً عن مصالح أمتهم.

- إحياء معاني الرجولة والفتوة في الطلاب، وفي الجانب الآخر إحياء معاني الأنوثة والحياء في الإناث.

- مساعدة الطلاب على إتقان المهارات العلمية الأساسية؛ بحيث يخرج الطالب من المؤسسة التعليمية متقناً لما تعلَّمه.

- تزويد المجتمع بالطاقات العلمية المدربة للنهوض بالبلاد، والإسهام في نهضة الأمة الإسلامية.

- أيها الإخوة : إن الأمة تعقد آمالاً كبيرة على مؤسسات التربية والتعليم للنهوض بالبلاد الإسلامية نحو الحضارة والتقدم.

- ولا يخفى على المتأمل إخفاق هذه المؤسسات التعليمية في تحقيق آمال الأمة وتطلعاتها ، فأصيبت الأمة بخيبة أمل.

- وهذا الإخفاق يرجع إلى الخلل الكبير الذي أصاب عناصر التعليم الثلاثة: المعلم، الطالب، المنهج.

- فأما المعلم فقد اختلَّت مكانته في المجتمع.

- لم يعد المعلم قدوة للطلاب لا في سلوكه ولا في أخلاقه.

- ضعف مستوى المعلم العلمي، ولم يعد قادراً على تطوير ذاته.

- ضعفت قناعة المعلم بمهنة التدريس.

- وأما من ناحية الطالب:

- فقد استفحلت الأزمة الروحية بين الطلاب.

- وتفشَّت بين الطلاب الانحرافات الأخلاقية والسلوكية.

- ضعفت رغبة الطالب في العلم، وانحصرت في الحصول على الشـهادة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقـول : « من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله ، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا : لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ».

- احتقار الطالب للمدرسة وإدارتها ومدرسيها؛ فلم تعد المدرسة مؤسسة محبوبة.

- ظهور سلوك التمرد لدى بعض الطلاب، حين أخفقت المدرسة في تعديل سلوك الطالب المنحرف.

- وأما من ناحية المنهج:

- قصور المنهج عن متطلبات النهضة الحضارية الحديثة.

- إخفاق المنهج في إعداد الطلاب للإنتاج وسوق العمل.

- قصور المنهج عن إتقان الطلاب للمهارات الأساسية: القراءة والكتابة والحساب.

- إخفاق المنهج في إعداد الإنسان الصالح في : إيمانه، وأخلاقه، وعقله، وجسمه، ونفسه.

- أيها الإخوة : كيف يمكن للأمة أن تنهض، وأن تؤتي هذه المؤسسات التربوية ثمارها في ظل هذه الإخفاقات الكبيرة؟

- لا بد من إعادة بناء أنفسنا من جديد: بناء المعلم، والطالب، والمنهج؛ بناء يقوم على أساس ديني واقعي تقدُّمي ، يحترم الأصول ، ويراعي الواقع.

- وما لم تقم المؤسسات التعليمية بواجباتها التربوية؛ فإنه من الصعوبة بمكان وصفها بالتربوية.

* * *

- أيها المسلمون : لم يبدأ التعليم في الأمة حديثاً؛ فأمتنا أمة العلم، فقد بدأ التعليم مع الرسول صلى الله عليه وسلم.

- قام التعليم في الأمة الإسلامية على أنه جزء من الثقافة الإسلامية، والثقافة في مفهومها الاصطلاحي خاصية أممية.

- لقد كانت غاية المؤسسات التربوية الإسلامية: تحقيق العبودية الخالصة لله، وكان منطلقها ربط الدنيا بالدين، وكانت وسيلتها إنشاء الإنسان الصالح في : عقيدته، وأخلاقه، وعقله، ونفسه، وجسمه.

- ولئن كانت السلبيات كبيرة، والواقع مؤلماً، فإن هناك إيجابيات لا تُنكر من طلاب جادين، ومدرسين صالحين، ومناهج طيبة.

- ولكن الواقع مؤلم، فكم نسبة المعلمين القدوات في علمهم وسلوكهم؟

- وكم نسبة الطلاب الجادين الراغبين في العلم وخدمة بلادهم؟

- وأين هو المنهج الشامل الذي يُعد الطالب المتفوق ؟

- لا شك أن الإيجابيات قليلة تحتاج إلى إعادة نظر ومراجعة للنفس.