5– المرأة والرياضة البدنية

- أيها الإخوة : يؤكد دين الإسلام على حفظ الصحة العامة : للأبدان والعقول والنفوس والأرواح.

- ويسعى لصلاح الإنسان من جميع جوانب شخصيته، ويحثُّه على رعاية صحته وسلامة نفسه.

- ولقد اعتبر دين الإسلام حفظ النفس من الهلاك والأذى والفساد: مقصداً من مقاصده الكبرى.

- فنهى عن كلِّ ما من شأنه الإضرار بالذات الإنسانية، وأمر برعايتها وإكرامها واحترامها.

- " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ".

- يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « إن لجسدك عليك حقاً ».

- ولما كان البدن هو صورة الإنسان الظاهرة، ومرْكَب روحه، وضرورته للحياة والحركة والعمل، والقيام بالعبادة : جاء الإسلام بالتأكيد على حفظ الأبدان، وتقويتها ورعايتها؛ لتكون صالحة للعبادة وعمارة الأرض وحفظ الملَّة.

- فالصلاة والصوم والحج والجهاد وغيرها من العبادات: ارتبطت بسلامة الأبدان، وصحة الأجساد.

- فأنى لجسد عليل أن يصوم أو يجاهد؟ وأنى له أن يبني أو يشيِّد ، أو أن يصل رحماً، أو أن يكسب قوتاً ؟

- ولهذا حثَّ الإسلام على اتخاذ التدابير اللازمة لتقوية الأبدان وحفظها من خلال الغذاء الصالح ، والوقاية الصحية.

- إضافة إلى اتخاذ العلاج والحمية ونحوهما مما يحفظ الأبدان، وينمي الصحة، ويقوي الأجساد على الأمراض.

- ومما أباحه الإسلام لصلاح الأجساد: الرياضة البدنية التي تقوي العضلات، وتنشط الأبدان، وتحرق الفضلات.

- وعلى الرغم من فوائد الرياضة البدنية على العقل والنفس: فإن فوائدها على الجسد معلومة، قد أجمع عليها الأطباء.

- ولا يُعرف عصر كعصرنا أطبق فيه الأطباء وجميعُ العقلاء على أهمية الرياضة البدنية على الصحة العامة.

- وتكاد تجتمع كلمة الأطباء المعاصرين على أن علل الأبدان تنحصر في الغالب في : سوء التغذية ، وقلَّة الحركة.

- وعلى الرغم من هذه الأهمية الكبرى للرياضة البدنية: فقد توجَّهت الرياضة الحديثة إلى مفاهيم جديدة لا علاقة لها بالممارسة الرياضية.

- توجَّهت نحو المفهوم التجاري الاستثماري، لتصبح الرياضة سلعة استهلاكية ، يتَّجر بها المستثمرون ، المتربصون بحاجات الناس ومتطلباتهم ، فراجت التجارة باللاعبين ، وانتشرت المقامرات المالية، والدعاية الإعلامية، والشهرة العالمية ، ومتعة التفرج ، فانتقلت الرياضة من كونها ممارسة عملية واقعية إلى ثقافة رياضية سلبية.

- فاكتفى غالب الناس بمتعة التفرج والتشجيع والمتابعة الإخبارية ، دون الممارسة الفعلية للرياضة.

- حتى إنك لتجد الرجل المترهِّل ، الذي تصعب عليه الحركة لثقله، يشجع ويجادل ويتابع، وربما كتب في الصحف، يحلل المواقف الرياضية، ويشخِّص العيوب الحركية، ويضع الحلول الفنية، وربما تقاذف مع المشجِّعين الآخرين الشتائم والسباب.

- ولا تخلو ملاعب التنافس الرياضي المحلية والعالمية من قبيح القول، وساقط الفعل، من الشتائم والاقتتال.

- وأعجب من هذا وأغرب ظهور بدعة الفتاة السعودية المشجِّعة، ودخولُها هذه الحَمئة النتنة من الصخب والفوضى داخل الملاعب الرياضية العامة .

- إن الشاب لا يأمن على نفسه من ضرر يُصيبه في هذه الأجواء المضطربة، فكيف بالنساء والفتيات؟

- ثم ما للمرأة وللرياضة التنافسية؟ فإنها تقفز القفزة فتفقد بكارتها، وربما انزلقت، فتضع ما في بطنها.

- وتظهر للأسف الفتاة السعودية الرياضية لتشارك في المنافسات الرياضية الخارجية ، حيث لا رقيب من الناس هنا؛ لتثبت للمجتمع السعودي وجودها ؛ ولتصبح أمراً واقعًا.

- ولقد سبقنا جمع كبير من الدول العربية والإسلامية إلى هذا الميدان العفِن فماذا جنوا من ذلك إلا الخيبة والخسران؟

- إن الله ينهى المرأة المتسترة المحتجبة أن تضرب بخلخالها عند الرجال، فكيف بالمتبرجة تضرب ببدنها ، وتهزه عند الأجانب ؟

- أيها المسلمون : ولئن كانت هذه المسالك قبيحة ومستنكرة : فإن أقبح منها وأشنع مسالك بعض الإعلاميين.

- الذين يتقصَّدون تتبع سقطات بعض السفيهات من فتياتنا في الملاعب الرياضية، فيبرزونهنَّ على الشاشات والصحف.

- ليُعلم من ذلك أن القضية ليست قضية رياضية فحسب، وإنما هي التحدي لوجهة البلاد الدينية، والسعي في تغيير وضع المرأة السعودية.

- كم هو مشين أن تنقل وسائل الإعلام بأموال المسلمين صورة فتاة شابة تربط على خصرها علم التوحيد: (لا إله إلا الله).

- ما المصلحة التي تتحقق من مثل هذا العمل القبيح، الذي تخجل منه بلاد الحرمين الشريفين، ويتأسف له كلُّ مسلم صادق الإيمان؟

- وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تزال لا إله إلا الله تنفع من قالها حتى يُستخف بها...» .

- وفي الحديث القدسي قال الله تعالى : «يا موسى لو أن السموات وساكِنَها، والبحارَ وما فيها وُضعوا في كفة، ووضعت لا إله إلا الله في كفة، لوزنت لا إله إلا الله» ، يعني لثقلت.

- أيها الإخوة : إنه لا يتجرأ على مثل هذه الأعمال القبيحة إلا منافق، قد عشش النفاق في قلبه، أو جاهل قد أطبق عليه الجهل.

- أعــوذ بالله من الشيطان الرجيم : " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ  
لا تَعْلَمُونَ ".

* * *

- أيها المسلمون : إن قيام المرأة بالحركة المنزلية في خدمة بيتها، ورعاية أسرتها كافٍ في تحقيق المقصود من الممارسة الرياضية.

- ولكنهن للأسف ترهَّلن بتركهن الخدمة للخادمات، فإذا أرادت إحداهن أن تنقص وزنها ذهبت إلى أندية التخسيس.

- ثم إن المرأة العاقلة لو مارست شيئاً من الرياضة الخفيفة في حصن بيتها ، مع زوجها وولدها لحصل لها المقصود من الرياضة البدنية.

- أما الأندية النسائية الرياضية فمع ما فيها من كشف العورات، واحتمال التصوير بكاميرات الجوالات، وتلصُّص الفساق، فإنها في الغالب سوف تُقضى في القيل والقال، وتناول الأطعمة السريعة والمشروبات، على الطريقة النسائية المعروفة.

- أيها الإخوة : إن لممارسة المرأة المسلمة الرياضة البدنية ضوابط لا بد منها:

- الأول : الضابط الأخلاقي : بحفظ العورة بصورة قاطعة، وهذا لا يتحقق إلا بالممارسة في حصن البيت.

- الثاني : الضابط الأنثوي : بحيث لا تؤدي الرياضة إلى خروج المرأة عن أنوثتها، وهذا لا يتحقق إلا بممارسة الألعاب الرياضية الخفيفة دون الثقيلة والعنيفة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال.

- الثالث : الضابط النفسي : بحيث تتجنب المرأة التوترات النفسية ، التي تفسد المزاج، وهذا لا يتحقق إلا بالألعاب الفردية، أو الجماعية غير التنافسية.

- الرابع : الضابط الجسمي : بحيث تتجنب المرأة كلَّ ما من شأنه الإضرار بصحتها الجسمية من الألعاب العنيفة ونحوها.

- أيها الإخوة : أهدي خبراً حصل في ألمانيا قبل مائة عام، أهديه لمن يستهويهم منهج الاستدراج الذي يسلكه المبطلون لتغيير نهج البلاد الاجتماعي، ففي عام 1903م افتتح في مدينة ميونيخ الألمانية نادٍ للسباحة النسائية، وذلك لأول مرة في ألمانيا، فإذا بالمجتمع في ذلك الوقت يستنكر ذلك ويستهجنه، ثم ماذا بعد ذلك؟

-  وهكذا تبدأ الانحرافات الاجتماعية صغيرة ويسيرة، ثم تصبح بالتدرج كبيرة وعنيفة، فيصعب حينئذٍ إيقافها أو إصلاحها، والله المستعان.