الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية العبادية @ 23- فضائل ليلة القدر


معلومات
تاريخ الإضافة: 9/8/1429
عدد القراء: 1007
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

-  أيها الإخوة : لقد استقر عند المسلمين جميعاً فضلُ شهر رمضان على سائر الشهور ، فأوَّله رحمة ، وأوسطه مغفرة ، وآخره عتق من النار .

-  وهو سيد الشهور ، فضَّله الله على سائر الشهور ؛ لما فيه من الكرامة والخير والبركة ، وعظيم الأجر والثواب .

-  ما أن يدخل الشهر حتى تفتح أبواب الجنة ، وتغلق أبواب النار ، وتصفَّد الشياطين ، فلا يخلصون من العباد إلى ما كانوا يخلصون منهم في غير رمضان .

-  لقد ارتبط شهر رمضان بالخير للمسلمين ؛ فإن كانوا في ضيق وسَّع الله عليهم ، وإن كانوا في حرب نصرهم الله .

-  تزداد فيه الأرزاق ، وتكثر فيه البركات ، يقوى فيه الناس على الصلاة ، وتزداد فيه النفقة في سبيل الله .

-  حتى إن بعض الناس لا يكاد يتصدق طوال عامه ، حتى إذا جاء رمضان أنفق وتصدَّق وبذل .

-  أيها المسلمون : ولئن كان رمضان قد حُشي بالخير من أوله إلى آخره ، قد عمَّته البركة في أيامه ولياليه ؛ فإن أعجب ما في رمضان ، وأغرب ما فيه هو عشره الأخير، فهي زبدة الشهر ، وأجلُّ ما فيه .

-  يستدرك فيها المقصِّر ما فاته ، ويلحق فيها المتأخر من سبقه ، فيأتي في الأول ، وكأنه ما فاته شيء .

-  نعم أيها الإخوة : ماذا فات من أدرك ليلة القدر ، فقامها إيماناً واحتساباً ، وتَأدَّب فيها مع الله ومع عباده ؟

-  لقد نال المنى ، وحصل له المقصود ، وبلغ المأمول ، لقد جاء متأخراً ، ولكنه بهذه الليلة سبق الجميع .

-  إنها ليلةٌ العبادة فيها تفوق عبادة ألف شهر ، يحوز المقبول فيها ما لا يتصوره من عظيم الأجر والثواب .

-  إنها ليلة عظيمة ، تتنزل فيها الملائكة ، وتحفُّها من أولها إلى الفجر ، قد ازدهرت بالأنوار والإشراقات .

-  من خصَّه الله بكرامته في هذه الليلة : يحصل له من انشراح الصدر ، وإشراق النفس ، وصفاء الروح : ما هو كثير وعظيم .

-  حتى إنه يشعر بالملائكة من حوله ، ويرى الأنوار في كلِّ مكان ، حتى إنه ليغيب عمن حوله في صحبة الملأ الأعلى .

-  يلهج لسانه بالدعاء : « اللهم إنك  عفو كريم تحب العفو ، فاعف عني »، ولا يملُّ من الذكر والتسبيح والتهليل ، وقراءة القرآن .

-  لقد ملك عليه القرآن كلَّ وقته ، يقرؤه في الليل والنهار ، لا يملُّ من القراءة  ، فهو في شهر القرآن .

-  يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول (ألم) حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف » .

-  ويقول أيضاً : « اقرأوا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه » .

-  إنها الغنيمة الكبرى ، والصفقة العظمى أن ينال العبد شرف ليلة القدر ، فيكون فيها من المقبولين .

-  يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه » .

-  وقد ثبت يقيناً أن ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ، وآكد لياليها الوتر من العشر الأواخر .

-  وأرجى ليالي الوتر ليلة السابع والعشرين ، من قامها إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه .

-  وإن من أعجب العجب أن تمرَّ هذه الأيام الفاضلة ، والليالي المباركة على أناس لا يعرفون لرمضان مَزيَّة على باقي الشهور .

-  يدخل عليهم الشــهر وينقضي ، فلا صــلاةً صلَّـوا ، ولا قرآناً قرأوا ، ولا صدقة تصدقوا ، إنهم لهمُ المحرومون حقاً.

-  يقول عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن هذا الشهر قد حضركم ، وفيه ليلة خيرٌ من ألف شهر ، من حُرمها فقد حُرم الخير كلَّه ولا يُحرمُ خيرها إلا محروم».

-  اللهم إنَّا نعوذ بك من الحرمان والخذلان في يوم كرامتك وفضلك.

-  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم  بسم الله الرحمن الرحيم : " إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " .

* * *

-  أيها المسلمون : ولئن كان الله بفضله قد حجز عنا شياطين الجن ، فلا  يخلصون منا إلى ما كانوا يخلصون إليه في غير رمضان ، ولكن من لنا بشياطين الإنس ، ولصوص القلوب ، سُرَّاق الحسنات ، الذين يحولون بيننا وبين فضائل هذا الشهر .

-  إن العاقل ليتعجَّب من إصرارهم على الباطل ، وإمعانهم في الفساد ،  
لا يستحيون من الله ، ولا من عباد الله .

-  لا يقدِّرون حرمة الشهر ، بل يعتبره بعض الإعلاميين موسماً لبرامج جديدة ، تفتن المشاهدين ، وتعبث بالصائمين .

-  ولئن كان الذي فاته الصيام والقيام مغبوناً : فإن الذي صام وصلى ثم ضيَّع حسناته أمام الفضائيات أكثر منه غبناً وخسارة .

-  اللهم نعوذ بك من الخذلان والضلال بَعْدَ الهدى .