الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الإيمانية @ 34- السحر والشعوذة


معلومات
تاريخ الإضافة: 9/8/1429
عدد القراء: 5141
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق


-  أيها المسلمون : موبقة من الموبقات ، وجريمة من الجرائم ، وكبيرة من الكبائر ، حرمها الله تعالى ، وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأوجب عليها العقوبة الشديدة.

-  خطرها عظيم ، وشرها مستطير ، إنها موبقة السحر ، وما يلحق به من الشعوذة والكهانة والعَرافة والطلاسم ونحوها .

-  السحر عالم عجيب خفي دقيق مستتر ، وضعته الشياطين من أول الدهر؛ لإضلال بني آدم وغوايتهم .

-   ومازالت الشياطين في كل عصر تُلهم أْولياءها من الفاسقين أموراً جديدة من السحر تتناسب وكل عصر .

-  والسحر علم من العلوم المكتسبة ، لا يصل إليه الإنسان إلا بالتعلُّم والتلقي  ، إلا أنه علم محرَّم مذموم بإجماع المسلمين .

-   ولقد اخترق السحر أقوام الأرض جميعاً ، من : البابليين والفرس والفراعنة والهنادكة والإغريق والرومان واليهود والنصارى .

-  ولقد كان السحر معروفاً عند عرب الجاهلية ، حتى إذا أشرق الإسلام بأنواره منع منه وحرَّمه ، وأمر بقتل السحرة والكهان .

-  قال الله تعالى : " وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ " .

-  وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : « حد الساحر : ضربة بالسيف » .

- وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم : « ليس منا من تطيَّر أو تُطيِّرَ له ، أو تَكهَّن أو تُكهِّن له ، أو سَحر أو سُحِرَ له » .

-  وقال أيضاً : « اجتنبوا السبع الموبقات : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ،  والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات » .

-  أيها الإخوة : إن الوصول إلى هذا العلم المذموم ، والتمكُّن منه لا يتم إلا بالردة عن الإسلام ؛ فإن الساحر لا يتمكن من سحره إلا بالكفر .

-  كما قال الله تعالى : " وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ...".

-  ولقد اعترف التائبون من السحر أنه لا يصبح أحدهم ساحراً حتى يدنِّس المقدسات ، ويأتي المحرمات ، ويعبد وليَّه من الشياطين .

-   وعلى الرغم من ظلْمة تاريخ السحر والسحرة ، وما كانوا يلاقونه من التنكيل والقتل على أيدي كثير من السلاطين عبر التاريخ الإنساني ، وعلى الرغم من الانفتاح العلمي الحديث ، والتقدم الحضاري : ينتشر السحرة في العالم بأعداد تبلغ مئات الألوف ، ويتداولون مع المترددين عليهم مليارات الدولارات ، فقد قُدِّر عدد السحرة في فرنسا وألمانيا وحدهما بما يزيد عن مائة ألف.

-  ومازالت بعض وسائل الإعلام تكشف لنا عن علاقات مشبوهة بين ساحر: ورئيس دولة ، أو ملك ، أو أمير ، أو وزير .

-  أيها المسلمون : تكاد تنحصر دوافع التعامل بالسحر في ثلاثة أمور : الأول: الرغبة في كشف عالم الغيب ، ومعرفة شيء عن المستقبل ، والثاني: التسلُّط على الناس، والانتقام منهم ، وإيذاؤهم ، والثالث: الحصول على المال بطريق ميسَّر ، فالسحر بأّنواعه لا يخرج عن هذه المقاصد الثلاثة في الغالب.

-  وللسحر حقيقة ثابتة لا تنكر، فمنه ما يُمرض وربما يقتل، ومنه ما يحبِّب ويبغِّض ، ومنه ما يربط الرجال عن أهله ، فلا يصل إلى زوجته ، ومنه ما هو إخبار عن بعض الغيبيَّات ومنه  ما هو سرقة للأموال ، ومنه ما هو لعب وتسلية وخيال يذهب بالأبصار .

-  ومع كل هذا التأثير الواقعي فقد سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الكُهَّان فقال : «ليسوا بشيء ، فقالوا : يا رسول الله إنهم يحدثوننا أحياناً بالشيء فيكون حقاً ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقذفها في أذن وليه ، فيخلطون معها مائة كذبة » .

-  أيها المسلمون : وبناء على ذلك فإنه لا يجوز بحال من الأحوال أن يتعاطى المسلم السحر أو الكهانة تحت أي مسوِّغ من حاجة أو علاج أو معرفة .

-  فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : « من أتى كاهناً فصدَّقة بما قال : فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ».

-  وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : « من أتى عرَّافاً فسأله عن شيء : لم تُقبل له صلاةٌ أربعين ليلة » .

-  وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : « ثلاثة لا يدخلون الجنة : مدمن خمر ، وقاطع رحم ، ومصدِّق بالسحر » .

-  وإن المسلم العاقل ليتعجَّب من إقبال كثير من السفهاء على الكهنة والعرَّافين ، وتهافتهم على أخبارهم الكاذبة ، وإقبالهم على دجلهم الصريح .

-  وإن من البدع المضلَّة في هذا العصر وجود قنوات كاملة تتعاطى السحر والشعوذة ، وتخبر الناس – حسب زعمهم- بأمور الغيب .

-  فما إن يظهر أحد هؤلاء العرَّافين على الشاشة حتى تنهال عليه المكالمات والاستشارات من كل مكان ، ويبدأ هو بالخرص والدَّجل.

-  فلا يشعر المتصل أنه باتصاله هذا قد عرَّض إيمانه للفساد ، ووضع نفسه على حافة الكفر بما أنزل على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم .

-  وأما شركات الاتصال التي لا همَّ لها إلا جمع الأموال من حلال وحرام، فإنه لا يجوز لها بحال من الأحوال أن تمكِّن هؤلاء السذَّج من الاتصال بهذه القنوات الفاسدة.

-  أيها الإخوة : لم يكف وسائل الإعلام في هذا العصر نشر الخلاعة والمجون على أوسع المستويات ، حتى أخذت الآن تشارك في نسف أصول الإيمان والتوحيد .

-  ولقد أفتى الأزهر الشريف بالإجماع على حرمة الاتصال بهذه القنوات المشبوهة ، فضلاً عن التصديق بما يقولون .

-  فاتقوا الله أيها الناس في أنفسكم، واحذروا لصوص الإيمان ، فيكفينا لصوص الأخلاق والأوقات، الذين أفسدوا علينا حياتنا ، فما بقي علينا إلا من يسلب إيماننا !!.

* * *

-  أيها الإخوة قد يلتبس على بعض الناس التفريق بين الراقي على السنة والحق ، وبين الساحر على البدعة والباطل .

-  فإن الراقي على السنة لا يتجاوز القرآن وصحيح السنة النبوية ، ولا يخبر بالغيب ، حَتَّى وإن أخذ عَلَى رقيته شيئاً مِنْ المال .

- وأما الساحر أو الكاهن أو العرَّاف ، فإنه يتجرَّأ على الغيب ، ويتكلَّم في المستقبل ، ويخبر عن المجهولات ، والأشياء المفقودة.

-  وربما طلب اسم الأم ، وأعطى الحجب والتمائم ، وفيها الطلاسم غير المفهومة ، والرسوم والأشكال والصور .

-  ومن أجاز من العلماء الحجب ؛ فقد اشترطوا أن تَكون من القرآن والأدعية المأثورة الصحيحة دون غيرها .

-  وربما طلب الساحر ذبح حيوان معين بطريقة معينة ، وفي وقت محدد ، وربما أمر المريض أن لا يذكر اسم الله عليه .

-  وربما أخذ أثراً من آثار المريض كشعر أو ثياب ونحوها ، وربما أمره أن يتجنَّب الماء لأيام طويلة فلا يصلي ، ولا يغتسل .

-  وهكذا ينتقل المريض المسكين من مرض إلى مرض ، ومن مصيبة إلى ما هو أكبر منها .

-  أيها المسلمون : لقد أغنانا الله تعالى بالقرآن شفاء القلوب والأبدان ، فالمعوذتان : « لم يتعوذ المتعوذ بمثلها » ، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحرص عليهما غاية الحرص.

-  والفاتحة ، وآية الكرسي ، وخواتيم سورة البقرة ، وما قرئت سورة البقرة بكاملها على مريض إلا تحسَّن حاله ، ولا قرئت في بيت إلا وحفظ من الشيطان ثلاثة أيام.

-  ولا يشترط للرقية شخص معين ، بل الشخص يرقي نفسه بنفسه ، أو أبوه أو أخوه أو زوجه أو ولده .

-  أيها الإخوة : ما يُصاب به الإنسان المسلم في بدنه أو نفسه أو لده ؛ فإنما هو ابتلاء من الله  ليرى أيصبر أم يكفر ، أيرضى ، أم يسخط.

-  إن العزاء الأكبر في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ابتلي بالسحر حتى شفاه الله ، وابتليت عائشة رضي الله عنها وشفاها الله .

-  فلنستعن بالله ، ولنتوكل عليه ، ولنثق به ؛ فإنه من يتق الله يجعل له مخرجاً.