الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الإيمانية @ 27- المصير المحتـوم


معلومات
تاريخ الإضافة: 9/8/1429
عدد القراء: 908
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق


-  أيها الإخوة : ينقسم الوجود إلى عالمين: عالم الغيب، وعالم الشهادة، فما وصلت إليه حواس الإنسان فهو من عالم الشهادة .

-  وما حُجب عن الإنسان فهو من عالم الغيب ، ولا سبيل إليه إلا من خلال الوحي المنزل على الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام .

-  ومازال الإنسان بفطرته المتعطِّشة إلى المعرفة : يسعى جاهداً للكشف عما وراء الطبيعة من عوالم الغيب المحجوبة .

-  يتلمَّس خبر المستقبل ، ومصير الإنسان ، والقضاء والقدر ، يبحث عن الحقائق المستورة .

-  ولقد جاء الوحي المبارك ليخبر الإنسان عن جانب من عالم الغيب المكنون؛ ليسكِّن به نفسه ، ويهدِّئ به روعه .

-   ويشبع نهمته الفطرية للمعرفة الغيبية ، بالقدر الذي يصلحه ، ويعينه على الاستقامة والهداية .

-  ولقد اتفقت كلمة الرسل والأنبياء الكرام عليهم جميعاً الصلاة والسلام ، منذ آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم : أن الناس يصيرون إلى دارين لا ثالث لهما .

-  دار نعيم وسعادة وحبور ، اسمها الجنة ، ودار شقاء وتعاسة وألم ، اسمها النار، ولاشي غير هاتين الدارين.

-  فليس من جنِّي و لا إنسي ، إلا وهو صائر إلى إحدى هاتين الدارين ، إلى الجنة أو إلى النار : " فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ".

-   فأما أهل الجنة فيدخلون داراً لانصب فيها ولاتعب ، بناؤها : لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة .

-  وحصباؤها اللؤلو والياقوت ، وترابها الزعفران ، وطينها المسك ، وأنهارها : لبن وخمر وعسل وماء .

-  ظلالها لا تنتهي ، وأنهارها لا تنقطع ، وطعامها لا يُمل ، من دخلها لا يفنى ولا يشيب ولا يبأس .

-  آنيتهم من ذهب، وأمشاطهم من ذهب ، لا يبولون ولا يتغوَّطون ، ولايتفلون ، رشحهم المسك .

-  لقد أنشأهم الله نشأة أخرى ، على خلق أبيهم آدم ، ستون ذراعاً في السماء ، في عرض سبعة أذرع .

-  لا تباغض بينهم ولا تحاسد ولا تنافس ، على قلب رجل واحد ، يتنازعون فيما بينهم كؤوس الخمر على الأسرَّة العالية الوثيرة.

-  يتزاورون ويتلاقون ، يجمعهم سوق الجنة على كثبان المسك ، وأسِرَّة الشرف ، ومنابر النور .

-  يسعدون برؤية ربهم ، وينعمون برضوانه عليهم ، فلا سخط ، ولا غضب، ولا عذاب .

-  يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسُرُرِه، مسيرة ألف سنة ، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غُدوةً وعشياً » .

-  ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « خلق الله جنة عدن بيده ، ودلَّى فيها ثمارها ، وشقَّ فيها أنهارها ، ثم نظر إليها فقال لها : تكلمي ، فقالت : قد أفلح المؤمنون»، نعم قد أفلح المؤمنون ، وأي فلاح أعظم من هذا ؟

-  لقد أمرهم الله في الدنيا بالإيمان فآمنوا ، وأمرهم بالصلاة فصلَّوا ، وأمرهم بالزكاة فزكَّوا ، وأمرهم بالصيام فصاموا ، وأمرهم بالحج فحجوا ، وأمرهم بالحلال فالتزموا ، ونهاهم عن الحرام فانتهوا .

-  لقد عرفوا محارم الله فلم ينتهكوها ، وعلموا حدود الله فلم يتجاوزوها ، فهنيئاً لهم برحمة الله ورضوانه وجنته.

-  وأما أهــل النار فيدخلون داراً سحيقة عميقة ، يُلقى الحجـر من شفيرها فلا يصل إلى قعرها إلا بعد سبعين عاماً .

-  ليس فيها إلا السلاسل والأغلال، وحِمَمُ اللهب والنيران، يأكل بعضها بعضاً ، حرُّها شديد ، وقعرها بعيد ، ومقامعها حديد .

-  قد أوقد الله على النار ألف عام حتى احمرت ، ثم ألف عام حتى ابيضت ، ثم ألف عام حتى اسودَّت ، فهي سوداء مظلمة .

-  أدنى أهلها عذاباً من له نعلان من نار : يغلي منهما دماغه ، لا يرى أن أحداً أشدُّ منه عذاباً ، وإنه لأهونهم عذاباً.

-  ومنهم من يكونون في توابيت من نار ، بعضها في داخل بعض ، ليس من عرق إلا فيه مسمار من نار ، لا يسمعُون ولا يُسمعون.

-  يُؤتى بالنار يوم القيامة لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها.

-  تبعث بشررها في حجم الحصون والمدائن والقصور ، وما نار الدنيا إلا جزء من مائة جزءٍ من نار جهنم .

-  يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « والذي نفسي بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، قالوا : وما رأيت يا رسول الله ؟ قال : رأيت الجنة والنار».

-  ومرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة على بعض أصحابه وهم يضحكون ، فقال : «تضحكون وذكر الجنة والنار بين أظهركم ، فما رُئي أحدٌ منهم ضاحكاً حتى مات»  .

-  سأل الرسول صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام : « مالي لا أرى ميكائيل ضاحكاً قط ؟ قال : ما ضحك ميكائيل منذ خُلقت النار » .

-  كثيراً ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحذِّر من النار ، ويرغِّب في الجنة ، فيقول في بعض مواعظه : « أنذرتكم النار ، أنذرتكم النار » ، وربما قال : « لا تنسوا العظيمتين : الجنة والنار » .

-  وربما قال عليه الصلاة والسلام : « ما رأيت مثل النار نام هاربها ، ولا مثل الجنة نام طالبها ».

-  وكثيراً ما كان يدعو بدعاء القرآن فيقول : " رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ  " .

-  ولقد علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسأل الله الجنة ، وأن نستجير به من النار فقال: « ما استجار عبد من النار سبع مرات ، إلا قالت النار : يا رب إن عبدك فلاناً استجار مني فأجره ، ولا سأل عبد الجنَّة سبع مرات ، إلا قالت الجنة: يا رب إن عبدك فلاناً سألني فأدخله الجنة » .

-  اللهم إن نسألك الجنة، ونعوذ بك من النار .