6ـ مسؤولية المرأة بين الإسلام والجاهلية

·        خلق الله تعالى الإنسان لعبادتـــه, والقيام بشريعته, كما قال تعالى: ) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (.

·        وهذه العبادة المطلوبة من الإنسان لا يمكن أن تقوم على الوجه الصحيح إلا بأمرين مهمِّين:

·        الأمر الأول : وُجود هذا الإنسان من خلال التناسل والتكاثر ، يخلف بعضهم بعضاً على هذه الأرض.

·   الأمر الثاني: تهيئة الظروف المناسبة لحياة هذا الإنسان من خلال عمارة الأرض: المساكن, الطرق, الطعام ، الشراب ، الدواء ونحوها من ضروريات الحياة الإنسانية.

·   فالقيام بالعبودية لله تعالى لابد لها من  وجود الإنسان ، ولابد لها أيضاً  من العمارة، التي تصلح حال الإنسان ، وتعينه على تحقيق العبودية.

·   ومن هنا هيَّأ الله تعالى المرأة لمهمة التناسل والإنجاب ورعاية الإنسان ، وزوَّدها بالأجهزة الجسمية والإعداد النفسي لهذه المهمة العظيمة.

·   وفي الجانب الآخر: هيَّأ الرجل لمهمة عمارة الأرض والضرب فيها، وأعطاه الاستعدادات والمواهب اللازمة للقيام بهذه المهمة الجليلة.

·   فالبشرية بصورة دائمة لا تسـتغني عن الرجل في عمارة الأرض, ولا تستغني عن المرأة في الإنجاب ورعاية النسل ، فلابدَّ منهما جميعاً، والمفاضلة بينهما في المهمات مرفوضة.

·   فلو تخلَّى الرجال عن مهمة العمارة : تعطلت عند ذلك الحياة، وأصبحت عسيرة, وأمَّا إذا تخلَّى النساء عن النسل : انتهت عندها الحياة من جذورها.

·   ومن هنا تظهر أهمية مسؤولية المرأة ومركزيتها في تحقيق العبودية لله تعالى ؛ حين تكثِّر النسل ، ممن يعبدون الله تعالى.

·   فلو قيل : إن دور المـرأة في الحياة الإنسانيــة أهم من دور الرجل ، لم يكن هذا القول بعيداً عن الصواب, فإن كثرة النسل تتوقف على وفرة العنصر النسائي ، أكثرُ من توقُّفها على كثرة العنصر الرجالي.

·   فالرجل من خلال تعدد الزوجات, ومُلك اليمين يستطيع أن يلقِّح أكثر من امرأة في الوقت الواحد, في حين لا يتسع رحم المرأة لأكثر من ماء واحد في الوقت الواحد؛ ولهذا يخدم الرجل التكاثر بتعدد الزوجات ، في حين لا تخدم المرأة التكاثر بتعدد الأزواج.

·   وقد كشفت قضية الاستنساخ أهمية دور المرأة في النسل ومركزيتها فيه, وأنه أهم من دور الرجل, فإن الاستنساخ لا يعدو أن يكون عملية استغناء عن الرجل ومائه, في الوقت الذي لا يُستغنى فيه بحال من الأحوال عن المرأة وبويضتها ورحمها.

·   ولهذا جاءت الشريعة الإسلامية بضرورة المحافظة على المرأة من مواقع الهلكة, فأسقطت عنها الجهاد, وعصمتها بالأنوثة من القتل, حتى وإن كانت كافرة, بل وحتى المرتدة لاتقتل عند بعض العلماء, وليس ذلك إلا للحفاظ على دورها النادر في الإنجاب ورعاية النسل الذي تتوقف عليه العبودية في الأرض لله تعالى.

·   من الحقائق التي اُكتشفت حديثاً أن المرأة لا تبلغ نضجها الكامل عقلياً ونفسياً وجسمياً إلا بعد الحمل والولادة مرة واحدة على الأقل.

·   وقد وافق هذا الاكتشاف رأي بعض علماء السلف أن المرأة لا يحق لها أن تتصرف في مالها إلا بعد أن يدخل بها الرجل ، وتلد مرة واحدة على الأقل .

·   ولهذا فإن أسعد أيام المرأة حين تحيا لمصلحة النوع الإنساني, إنجاباً ورعاية ،  وشرَّ أيامها حين ينقطع عنها الولد في سن اليأس.

·   إن مما ينبغي أن تدركه المرأة أن الأمَّةَ المسلمة اليوم في حاجة ملحة للقوة العددية, إذ لم يعد للمسلمين قوةٌ غيرها.

·   وقد ثبت أن القوة العددية لها ثقلها في ميزان القوى ولا سيما الميزان الاقتصادي, وقد لاحظ المراقبون أن الأموال والاستثمارات العملاقة تتبع العمالة حيثما كانت, وليست العمالة تتبع الأموال والاستثمارات دائماً. فهذه البرازيل والمكسيك وماليزيا تتدفق عليها الأموال الطائلة من أجل العمالة فيها فتؤثر بالتالي في القوى الاقتصادية العالمية.

·   فأيُّ خيانة تمارسها المرأة المسلمة حين تُؤخِّر نسلها, أو تحدده لغير ضرورة ملحَّة, فقد أجمع العلماء المعاصرون من خلال المجمعات الفقهية بحرمة تحديد النسل, أو إسقاطه إلا لضرورة شرعية مُلجئة.

·   وقد رتَّب الشارع الحكيم على قيام المرأة بواجب الإنجاب عظيم الأجر والثواب فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: »إن للمرأة في حملها إلى وضعها إلى فصالها من الأجر كالمتشحِّط في سبيل الله, فإن هلكت فيما بين ذلك فلها أجر شهيد «.

^   ^   ^

·   إن مشكلة المرأة مع النسل تكمن في الملل الذي يدخلها من جراء تكرار عملية الحمل والولادة والرعاية دون تجديد, في حين تجد المرأة في ميدان الرجل تنوعاً كبيراً في أنواع مجالات الحياة المختلفة الثقافية والاجتماعية والفنية والسياسية ونحوها ، فتتشوَّق لميدان الرجل ، وتتطلَّع إليه ، رغبة في التجديد والتغيير.

·   وها هي المرأة بالفعل في هذا العصر دخلت ميدان الرجل ، وخالطته في عمله , ونازعته في رزقه، ونافسته في مهاراته , ولكن هل تركها الرجل وشأنها ؟.

·   لقد استغلها الرجل أيَّ استغلال, استغل جهدها فأعطاها أقلَّ مما يعطي الرجل من الأجر, واستغل حاجتها فلم يُعطها المناصب العالية والقيادية , واستغل جمالها ليروِّج لبضائعه ومنتجاته, واستغل جسدها ليروِّح عن نفسه في الملاهي والأندية والبلاجات.

·   لقد تركت المرأة وظيفتـــها الحقيقيــــة التي شرَّفها الله بها ، وألزم مقابل ذلك - الرجل والأسرة والدولة برعايتها والنفقة عليها, وتحوَّلت إلى وظائف الرجال في الحياة العامة ، فتخلَّى عنها الرجل والأسرة والدولة لتواجه وحدها أعباء الحياة ونفقاتها, فهل استوعبت المرأة المعاصرة التي تطالب بحقوقها هذا الدرس ؟