الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ تراجم وشخصيات @ 9ـ عبد الله بن الزبير بين العبادة الشجاعة


معلومات
تاريخ الإضافة: 6/10/1427
عدد القراء: 1153
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

·    لما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجراً من مكة مع صاحبه أبي بكر رضي الله عنه : لحق بهم آل أبي بكر أسماء وعائشة رضي الله عنهما.

·          وكانت أسماء في ذلك الوقت حاملاً على وشك أن تضع, فما أن وصلت المدينة حتى وضعت ما في بطنها.

·    فإذا بالمولود غلام, فكبَّر المسلمون لولادته وفرحوا به ؛ لكونه أول مولود للمهاجرين في المدينة , وقد زعم اليهود أنه لن يُولد لهم.

·    فأتت به أسماء رضي الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذه في حجره, وحنَّـكه بتمرة, فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمَّاه عبد الله.

·    ترعرع في كنف والده الزبير, وأمه أسماء, وجده أبي بكر, وجدته صفية, وخالته عائشة, فجمع المجد من كلِّ جانب ، وحفَّه التفوق من كل مكان.

·          لما بلغ السابعة أتى به أبوه للرسول صلى الله عليه وسلم ليبايعه.

·    من لطائفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم أنَّه حضر حجامته, فأمره أن يأخذ دم الحجامة ويضعه في مكان لا يراه أحد, فلما خلى به شربه, ثم جاء فسأله ، فقال : » شربته ، فقال: ويلٌ لك من الناس ، وويلٌ للناس منك «.

·    ولهذا يقال إن فرط القوة والشجاعة فيه إنما كان من شربه ذلك الدم ، فلاقى من الناس ما لاقى ، ولاقى الناس منه ما لاقوا.

·          وقد كان رضي الله عنه من أشجع الناس, حتى قيل : إنه فارس قريشٍ في زمانه.

·          وقد شهد اليرموك مع والده وهو ابن عشر سنين, أجلسه على فرس، وأوكل به رجل, يُعدُّه بذلك للجهاد.

·    نشأ عبد الله رضي الله عنه في هذا الجو الإسلامي المفعم بالعلم والجهاد والعبادة والبلاغة ، فأخذ من كلِّ ذلك بالنصيب الأوفر.

·          حتى قال عثمان بن طلحة: »كان عبد الله بن الزبير لا ينازع في ثلاثة: شجاعة وعبادة وبلاغة«.

·          فأما عبادته ، فقد قال عنه عمرو بن دينار: »ما رأيت مصلِّياً قطُّ أحسن صلاة من عبد الله بن الزبير«.

·          وقال مجاهد: » كان ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة كأنه عود «، يعني من شدَّة الخشوع.

·          وقال ثابت البناني: » كنت أمرُّ بابن الزبير وهو خلف المقام يصلي كأنه خشبة منصوبة لا تتحرك «.

·          وربما ركع الركعة فيطيل فيها حتى يقرأ القارئ: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة, وهو بعد لم يرفع رأسه.

·          قال أبو إسحاق: »ما رأيت أحداً أعظم سجدة بين عينيه من ابن الزبير«.

·          وكان يأتي من العبادات أشدَّها حتى قال مجاهد: »ما كان بابٌ من العبادة يعجزُ عنه الناس إلا تكلَّفَهُ ابن الزبير«.

·    حتى إنه مرَّة دخل سيلٌ الحرم ، فأحاط بالكعبة الماءُ وارتفع ، فطاف رضي الله عنه  سباحة, وكان يواصل الصيام إلى أكثر من ثلاثة أيام.

·    وكان رضي الله عنه إذا دخل في صلاته لا يبالي ما يكون حوله: فقد رُمي بالمنجنيق وهو يصلي فلم يتحرك ، ولم يضطرب.

·    وكان مرَّة يصلي في بيته فسقطت حيَّةٌ من الجدار ، فصاح أهل البيت حتى قتلوها ، وهو في مصلاه لم يُحدث شيئاً.

·          وأما فصاحته وعقلهُ: فقد كان له مائة غلام , يكلِّم كلَّ واحد منهم بلغته.

·    وكان ممن شارك في كتابة المصاحف للأمصار زمن عثمان رضي الله عنه, وكان صيِّـتـاً مؤثراً ، إذا خطب أبكى الناس, وأثَّر فيهم.

·          وأما شجاعته, فإنه لم يُعرف له في زمنه مثيل, فهو فارس قريش الأول.

·    ومن بطولته أنَّه كان سبباً في نصر المسلمين في إحدى معارك أفريقيا, فقد واجه المسلمون جيشاً كبيراً بقيادة جُرْجير.

·    وضع عبد الله خطة لقتل جُرْجير, وانتدب ثلاثين من الجند لحماية ظهره , ثم انطلق في المقدمة كأنه السَّهم , فاخترق جيش الأعداء إلى نهاية صفوفهم.

·          وصل إلى جُرْجير خلف الجند, وقتله وانتزغ رأسه, فانهزم من كان معه.

·    ولما حاصره الحجاج في مكة زمن الفتنة, تخلَّى عنه كلُّ أصحابه فجلس يقاتلُهم وحده سبعة أشهر حتى ما بقيَ معه أحد من أصحابه.

·    وكان الجند يدخلون عليه خمسمائة خمسمائة ، فيخرج يقاتلهم وحده, ثم يُسرع خلفهم,  وهم يفرون منه, ولعل هذه القوة من الدم الذي شربه من حجامة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

·          حتى قال أحدهــم : » والله لقد رأيته يصــلي عند الحــرم وحــده, لا يستطيع أن يقرب منه أحد«.

·    ولما كان يوم وفاته دخل على أمِّهِ, فحرَّضته على القتال والثبات إذا كان على الحق,  فقتل يومها وصُلب, ثم أتته وغسَّلته وكفنته, وهي تتقطع ألماً عليه, إلا أنها كانت تتجلَّد, ولا تظهر حزناً.

·    هذا عبد الله بن الزبير, ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم, أول مولود في الإسلام, رضي الله عنه وأرضاه, ذهب بسبب فتنة.

^   ^   ^

·    لقد صدقت نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حين قال له : »ويلٌ للناس منك, وويلٌ لك من الناس«, فلم يكن شخصاً سهلاً لأهل الشام والحجاج أن ينتهوا ويتخلصوا منه, بل كان عبئاً كبيراً.

·          وكان رضي الله عنه يقول: »والله لا أبالي إذا وجدت ثلاثمائة يصبرون صبري لو أجلب عليَّ أهل الأرض«.

·          وكان يقول: »والله لضربة بسيف في عزٍ أحبُّ إليَّ من ضربة سوط في ذلك«.

·    ولهذا لما قُتل كبَّر أعداؤه ورجُّوا الحرم بالتكبير,  فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:» لقد كبر المسلمون عند ولادته أكثر من هذا«.

·          اللهم ارض عن عبد الله وعن أمه وأبيه وجده وخالته, وخذ له حقَّه من أعدائه  يوم يلقاك.

·           )  قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(.