الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ تراجم وشخصيات @ 5ـ قصة نبي الله موسى عليه السلام مع فرعون


معلومات
تاريخ الإضافة: 6/10/1427
عدد القراء: 1779
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

·          لقد جرت سنة الله تعالى في هذه الأرض على دوام الصراع بين الحق والباطل.

·          ومن المعلوم أن أشدَّ مظاهر هذا الصراع تبدو واضحة في أخبار الأنبياء عليهم السلام مع المكذِّبين من أقوامهم.

·    ولعل في خبر نبي الله موسى عليه السلام  مع فرعون ما يُؤكِّد هذه الحقيقة الكبرى والدائمة في صراع الحق والباطل.

·    لقد عاش بنو إسرائيل في أول أمرهم في مصر تحت سلطة الأقباط الفراعنة ، في ظلم وخسف, وامتهان واحتقار.

·          لقد استخدم الفراعنة المستضعفين في تشييد البناء ، ونحت الصخر, وبناء الأهرامات.

·    وكان بنو إسرائيل ينتظرون فرجاً بنبي ينقذهم الله به من هذا الهوان والظلم, وكان عندهم خبر من إبراهيم ببعثة موسى، الذي يكون على يديه زوال ملك الفراعنة.

·    ولما بلغ هذا الخبر فرعون أمر بقتل ذكور بني إسرائيل، حتى يمنع
حسب زعمه- قدر الله الآتي.

·    ولما خاف انقراضهم، فلا يجدون من يخدمهم، ويقوم بالأعمال الخسيسة : أمر بالمسامحة في عام والقتل في عام آخر.

·    فوُلد هارون عليه السلام  عام  المسامحـة ، وولد موسى عليه السلام في عام القتل, لـمَّا أراد الله إظهار معجزته، فأخفت أمُّهُ خبره, وأرضعته ووضعته في صندوق, ثم ألقته في الماء.

·    فإذا بموسى ينتقل بهذا الصندوق عبر الماء إلى قصر عدوه, الذي أرادت أمُّه إبعاده عنه ، وتُلقى عليه المحبة ، فلا يكاد يراه أحدٌ إلا أحبَّه ، ودخل قلبه.

·          فاتَّخذته آسية امرأة فرعون ولداً لها، لما أراد الله كرامتها ، ودفعت عنه بطش فرعون وعنفه.

·    ولما أعياهم في رفْضه للمراضع : سعوا في جلب المراضع إليه من نساء المدينة بكلِّ ثمن، فانتقلــوا من إرادة قتله ، إلى السعي في حفظه ) وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ (.

·    ثم اجتمع موسى بأمِّهِ ترضعُه وتسْكُن نفسُها به ، وتأخذ أجراً على ذلك أيضاً ، فحقَّق الله ما ألهمـها به في نفسها من إرجاعه إليها: ) وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ (.

·          ثم نشأ موسى نشأة الملوك الأعزاء في قصر فرعون ، لم يُذل كما ذُلَّ قومُهُ، وهكذا الأنبياء ينشأوون أعزة دائماً.

·          ويبدأ صراع موسى مع آل فرعون عند قتله القبطي، دفاعاً عن أخيه الإسرائيلي.

·    ويشيع خبُر قتل موسى للقبطي ، ويضطر موسى للهروب إلى أرض مدين، حتى إذا بلغ ماءها وجد عليه أناساً يسقون إلا امرأتان.

·     تعجب موسى من فعل المرأتين، فبادرهما بالسؤال: )مَا خَطْبُكُمَا(، فأخبرتاه بعدم رغبتهما في الاختلاط بالرعاء ، وليس لهما رجل يقوم بذلك.

·    فسقى لهما رغم تعبه وعوزه وحاجته ، ورأت كلٌ منهما فضله وشهامته وقوته, فعرضتا على أبيهما استئجاره، فجاءته إحداهما تمشي على استحياء ، وذلك لكمال أدبها وخُلُقها.

·    جاءت تقول له : ) إِنّ أَبِي يَدْعُوكَ (، يعني ليست هي التي تدعوه ، وذلك حتى لا يشك في أمرها، ثم سارت أمامه تدله على الطريق ، ثم أمرها أن تسير خلفه لكمال أدبه مع النساء.

·    تعاقد موسى مع الأب ، وقيل إنه شعيب على ثمان سنوات أو عشر سنوات، يكون الخيار فيها لموسى عليه السلام ، مقابل أن يعرس بإحدى الفتاتين ،  فاختار الأكمل ، لصالح الأسرة الكريمة.

·    ولما أتمَّ موسى عليه السلام  السنوات :  أخذ أهله وعاد بهم إلى مصر، وفي الطريق كانت المعجزة ، وكان الكلام من الله والنداء: ) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( .

·    إنها المفاجأة العظيمة التي لم يكن يتوقعها موسى ، إنه الاصطفاء من الله تعالى ، إنها الكرامة الكبرى, إنها مرتبة النبوة والكلام والرسالة، لا يمكن أن يعرفها أحدٌ إلا الأنبياء.

·    ورغم ما تحمله هذه النبوة من التشريف والتكريم : فإنها تحمل معها قدراً ضخماً من التكليف والمعاناة : ) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى(، فأيُّ تكليف أشقُّ من هذا ؟ إنه فرعون القاسي الجبار.

·    ويؤيده الله بالآيات الباهرات بالعصا واليد، ثم يمدُّه بأخيه هارون، استجابة لرغبته ,فليس أحدٌ أمنَّ على أخيه من موسى على هارون, حين رشَّحه للنبوة عند رب العالمين.

·    ثم ينتقل موسى إلى ساحة فرعون، ويطول بينهما الجدال، ويرى الآيات الباهرات, فيصفها بالسحر، ويطالبه بالمنازلة للسحرة.

·    فيجتمع السحرة ضُحىً، ويعرضون ما عندهم من السحر والتدجيل، ثم يلقي موسى عصاه فإذا بها تلقف ما صنعوا من الباطل, ويقع السحرة ساجدين, متأثرين بوقع الآيات العظيمة على نفوسهم, فهذه ليست من السحر , إنها المعجزة الباهرة.

·    ثم تبدأ الفتنة والتنكيل والقتل بالمؤمنين , حتى نال القتل آسية امرأة فرعون ، فلم يعصمها من القتل كونها امرأة فرعون.

·    وبعث الله عليهم أنواعاً من عذابه : الجراد والقمل والضفادع والدم، آيات واضحات ، ولكنهم استكبروا وكذبوا، وأصروا على عنادهم.

·          ثم أذن الله للمؤمنين بالخروج من مصر ، فخرجوا حتى وصلوا ساحل البحر، ولحق بهم فرعون وجنوده.

·    ولما خاف القوم على أنفسهم أنهم مدركون، قال الواثق من ربه
) كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (، ويضرب البحر بعصاه فينفلق،  معجزة أخرى لهذه العصا، التي وضع الله فيها سرَّه.

·          يسلك المؤمنين البحر اليابس، ثم يأتي فرعون صاحب الرأي الرشيد
حسب زعمه ليقف مع جيشه على هذه المعجزة الباهرة : أيعبر أم لا ؟

·    فيقرر العبور خلفهم ، يدفعه حنقُهُ وغيظه على المؤمنين ، وشهوة الانتقام ، حتى إذا كان مع جنده في وسط الماء : أغلق الله عليهم البحر، فانتهى فرعون إلى الأبد،  وظهرت جثته على الشاطئ لتكون آية للعالمين.

·          فكانت نهاية الطغيان والجبروت، وهي نهاية كلِّ ظالم طاغية يخرج عن سلطان الله تعالى وشريعته.

^   ^   ^

·          أيها المسلمون : لهذه القصة العظيمة ، التي ذكرها القرآن الكريم في مواضع كثيرة : عبر وعظات، من أهمها :

·    أنه لا حذر مع قدر، فإن مشيئة الله نافذة لا يردها شيء ، فمن هذا الذي يستطيع قتل الطفل موسى لما أراد الله بقاءه ؟

·    إن الدمار والهلاك نهاية الطغيان والعناد في كلِّ عصر، فإن الذي أهلك فرعون قادرٌ على هلاك فراعنة كلِّ زمان.

·          إن التقدم المادي والحضارة والعمارة لا تنفع أصحابها مع الشرك والكفر،
ولا قيمة لها في ميزان الحق بغير الإيمان، فلم تغن عن فرعون عمارته للأهرامات، وتشييده للقصور والدور، حين كفر بالله وكذَّب رسله.

·    لقد دأب اليهود على صيام يوم عاشوراء، فلما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة : أمر بصيامه وقال: »نحن أولى بموسى منهم« ، وهكذا يتصل المسلمون بنبي الله موسى عليه السلام ، يُحيون ذكراه بصيام يوم عاشوراء.