الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الجهادية @ 10ـ وقعة الحديبية


معلومات
تاريخ الإضافة: 6/10/1427
عدد القراء: 1157
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

·    في السنة السادسة من الهجرة النبوية الشريفة رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام أنه دخل مكة مع أصحابه، وطاف واعتمر، وأخذ مفتاح الكعبة المشرفة.

·          فاستبشر أصحابه بهذه الرؤيا, وعزم الرسول صلى الله عليه وسلم على أداء العمرة في ذلك العام.

·    وفي شهر ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة خرج الرسول صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلى ذي الحليفة وأحرم بالعمرة, وساق معه الهدي تعظيماً للبيت.

·    علمت قريش بمسير الرسول صلى الله عليه وسلم, فاجتمعوا وقرروا منعه, وأخرجوا له جيشاً بقيادة خالد بن الوليد يعترضه في مسيره نحو مكة.

·    التقى الفريقان بكراع الغميم قبل مكة, وشاهد خالد بن الوليد صلاة المسلمين للظهر، ووقع في نفسه أن يغير عليهم في صلاة العصر.

·    وعند حلول  صلاة العصر أنزل الله الآيات الخاصة بصلاة الخوف, ففاتت خالداً الفرصة في الإغارة على المؤمنين ، وما كان الله ليضيِّع أولياءه.

·    ثم أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم طريقاً آخر إلى مكة يجتنب فيه جيش خالد, حتى وصل إلى منطقة الحديبية فعسكر بها.

·    وكانت المنطقة قليلة الماء, فوضع الرسول صلى الله عليه وسلم سهماً من كنانته في ماء هناك, ففاض الماء وشربوا حتى ارتحلوا.

·          وأخذت الرسل تفد من قريش تفد على الرسول صلى الله عليه وسلم في معسكره بالحديبية يقنعونه بالعودة.

·    ومن الرسل الموفدة من قريش عروة بن مسعود الثقفي, الذي حاول أن يُضعف من معنويات المسلمين بأنهم يفرُّون عن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كان القتال , فرد عليه أبو بكر رضي الله عنه بأشد القول, وكان يحدِّث الرسول صلى الله عليه وسلم ويأخذ بلحيته, والمغيرة بن شعبة رضي الله عنه عند رأسه بالسيف، يدفع يده عن لحية الرسول صلى الله عليه وسلم.

·    ثم رجع عروة بن مسعود إلى مكة يخبرهم بما رأى ، فقال فيما قال: »أي قوم, والله لقد وفدتُ على الملوك, على قيصرَ وكسرى والنجاشي, والله ما رأيت ملكاً يُعظِّمه أصحابه كما يُعظِّمُ أصحابُ محمدٍ محمداً, والله ما تنخَّم نخامة إلا وقعت في كفِّ رجل منهم, فدلك بها وجهه وجلده, وإذا أمرهم ابتدروا أمره, وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه, وإذا تكلَّم خفضوا أصواتهم عنده, وما يحدُّون إليه النظر تعظيماً له «.

·    ولما تباطأ المشركون في إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم بعث إليهم عثمان بن عفان رضي الله عنه يؤكِّد ويوضِّح سبب القدوم, فاستبقاه أهل مكة أياماً حتى يتشاوروا.

·    ولما تأخر عثمان رضي الله عنه ظنَّ المسلمون أنَّه قُتل, فعزم الرسول صلى الله عليه وسلم على الحرب والانتقام لعثمان , وبايعه المسلمون تحت الشجرة, منهم من بايع على عدم الفرار ، ومنهم من بايع على الموت.

·    وبايع الرسول صلى الله عليه وسلم عن عثمان رضي الله عنه, وأخذ بيد نفسه وقال : » هذه عن عثمان «, لينال بذلك شرف البيعة مع المسلمين.

·    ثم أرسلت قريش سهيل بن عمرو المتميِّز بقدرته الجيدة على المفاوضة, فعلم الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم يريدون الصلح, وكان الصلح بالفعل  على أن يرجع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه هذا العام ، وهذا أهم بند عندهم ؛ حتى يحفظوا كرامتهم أمام القبائل العربية , فلا يدخل المسلمون مكة إلا بإذن قريش.

·    ومن البنود : وضع الحرب عشر سنين, ومن أراد من القبائل الدخول في حلف الرسول صلى الله عليه وسلم دخل, ومن أراد حلف قريش دخل.

·    ومن البنود أيضاً : أن من أتى الرسول صلى الله عليه وسلم من أهل مكة من الرجال مؤمناً رده, ومن أتى المشركين من أهل المدينة مرتداً لم يردوه.

·    ثم كتب الكتاب بينهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه, وكتب  فيما كتب : هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله فأبى سهيل إلا أن يكتب محمد بن عبد الله, وأبى عليٌّ أن يمحها بيده ، حتى محاها الرسول صلى الله عليه وسلم بيده, رغبة في الصلح والخير.

·    وفي أثناء كتابة الكتاب إذا بأبي جندل بن سهيل بن عمرو رضي الله عنه يصل إلى المســلمين ، وقد هرب من المشركــين، فيأبى سهيل إلا رده, ولم يقبل شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيه.

·    فوقع في نفس المسلمين من ذلك ألم شديد, وكان لعمر رضي الله عنه موقف شديد مع هذه البنود التي في ظاهرها ظلم على المسلمين، وحيف بحقهم ، حتى جادل الرسول صلى الله عليه وسلم جدالاً شديداً في ذلك.

·    وبعد أن تم التوقيع على الكتاب أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة بالحلق والذبح فلم يتحرك أحد, فدخل على أم سلمة رضي الله عنها مغضباً ، فأشارت عليه أن يحلق ويذبح هو بنفسه دون أن يكلِّم أحداً , وبالفعل ما أن حلق وذبح حتى سارع المسلمون إلى ذلك, وكاد يقتل بعضهم بعضاً من شدة الغم والهم في كونهم لم يُتمُّوا عمرتهم.

·    وفي طريق العودة أنزل الله تعالى : ) إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا(, فأرســل الرسول صلى الله عليه وسلم بها إلى عمر رضي الله عنه, فقال : » أفتح هو؟ قال: نعم «, فطابت نفوس المسلمين.

^   ^   ^

·    أيها المسلمون : لم يكن عقد الصلح ليشمل النساء, وإنما كان خاصاً بالرجال, ولهذا لم يرد الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمات إلى مكة, وإنما يختبرهم بقوله تعالى ): يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ ( الآية .

·    وأما الرجال فكان يردهم إلى مكة حسب العقد , حتى ردَّ أبا البصير رضي الله عنه , فهرب من الحرس وانحاز إلى ساحل البحر، فاجتمع إليه نفر من المسلمين الهاربين من مكة، وأخذوا يزعجون قوافل قريش المرتحلة بين مكة والشام.

·          وعندها طلبت قريش إلغاء هذا البند ،وضم المسلمين الهاربين إلى الصلح، فاجتمع الشمل, وانتهت الأزمة.

·    ثم تفرَّغ الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الصلح لليهود يؤدِّبهم, ويخاطب الملوك في الأرض, ونشط المسلمون في الدعوة، حتى بلغوا عند فتح مكة بعد سنتين من الصلح عشرة آلاف رجل، بعد أن كانوا قبل الصلح ثلاثة آلاف فقط، وهذا يدل على أن الدين ينتشر في السلم أكثر بكثير من انتشاره في الحرب.

·    يُستفاد من هذه الواقعة أمور كثيرة منها : الإسلام يحبذ السلم ويكره الحرب, تعظيم الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم, شجاعة الصحابة ومبايعتهم للرسول صلى الله عليه وسلم, فضل أصحاب البيعة تحت الشجرة, وفاء الرسول صلى الله عليه وسلم بالعقد ورده المسلمين الهاربين إلى مكة, رحابة صدر الرسول صلى الله عليه وسلم لانتقادات الصحابة.

·          أيها المسلمون : هذا ديننا العظيم فأيُّ دين يضاهيه ؟