الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الأخلاقية @ 10ـ داء الحسد وعلاجه


معلومات
تاريخ الإضافة: 12/9/1427
عدد القراء: 2558
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

·        داء عظيم, ومرض خبيث, أهلك خلقاً كثيراً, يأكل القلوب, ويهلك النفوس: ألا هو داء الحسد.

·        إن أول معصية وقعت في السماء هي الحسد ، حين حَسد إبليسُ آدمَ ) أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ (.

·   وأول معصية حدثت في الأرض هي أيضاً الحسد ، فقد حسد قابيلُ هابيلَ حين تقبَّل الله منه ولم يتقبل من الآخر: ) قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ (.

·   أيها المسلمون : تخيلوا لو ذهب الناس يتحاسدون، كلٌ منهم يريد زوال النعمة عن أخيه ، كيف سوف تكون الحياة عندها؟.

·        ولهذا جاء التحذير من الحسد, قال الله تعالى: ) وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ (.

·   وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: » لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً«.

·        وقال أيضاً: » إن الحسد يأكل الحسنات ، كما تأكل النار الحطب «.

·   وقال أيضاً: » دبَّ بينكم داءُ الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء, هي الحالقة, لا أقول الحالقة التي تحلق الشعر ، وإنما الحالقة التي تحلق الدين «.

·        ويقول أيضاً: » لا يجتمع في جوف عبدٍ الإيمان والحسد«.

·   وفي الجانب الآخر امتدح الرسول صلى الله عليه وسلم من تخلَّص من الحسد, ونال مرتبة السلامة للمسلمين فقال: » لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا «.

·   ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم رجلاً يطلع عليهم هو من أهل الجنة, فتبعه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما , فلم يجد عنده كثير صلاة ، ولا صيام, وإنما وجد عنده السلامة للمسلمين.

·   وأما حقيقة الحسد فهي : كراهية نعمة نزلت بشخص، وتمنى زوالها عنه, وهذا حرام لا يجوز إلا في حق الكفار والفجار.

·        والحسد لا يكون إلا على نعمة,  فكلُّ من يحب إساءة مسلم بغير حق فهو حاسد.

·        وأما مراتب الحسد فهي أربع:

1 محبة زوال النعمة عن المحسود دون أن تنتقل إلى الحاسد، ) وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء (.

2 محبة زوال النعمة عن المحسود وانتقالها إليه, مثل المال والرئاسة, والجاه والعلم.

3 يحب أن تناله نعمةٌ كنعمة المحسود ، فإن عَجَزَ عنها تمنى زوالها عنه ليستوي معه.

4 أن يتمنى لنفسه مثلها دون تمني زوالها عن الآخر, وهذه الغبطة, وهذا النوع محمود غير ممنوع , وفي الحديث: » لا حسد إلا في اثنتــين: رجـلٍ أتــاه الله مالاً فسلَّطَهُ على هلكته في الحق ، ورجلٍ أتـاه الله تعالى علماً فهو يعمل به، ويعلِّمُهُ الناس «.

·        أيها المسلمون: إن الحاسد يرى النعمة على أخيه نقمةً عليه, فلا يرضى ولا يسكن إلا بزوالها.

·        يقول معاوية رضي الله عنه : » كلُّ الناس أقدر على رضاه إلا حاسد نعمة ؛ فإنه لا يرضى إلا بزوالها «.

·        للحسد أسباب من أهمِّها:

·   العــــداون والبغضــــاء, وهذه أشد أســـبابها, ليس للحاسد إلا العدوان على غيره, وكره الخير للمسلمين مطلقاً.

·        التعزز بأن لا يرتفع عليه أحد، فلا يرضى أن يكون فوقه أحد في رئاسة أو جاه أو علم .

·        حب الرياسة ، فيحصل من جرَّاء ذلك تنافس شديد بين الراغبين فيها.

·        التزاحم على مطلوب واحد, كالضرائر يتزاحمن على الزوج، فيقع بينهن الحسد.

·   تشابه الأعمال والتخصُّصات, فأهل الصناعات المتشابهة يتحاسدون, وأهل التخصصات المتشابهة يتحاسدون, والإخوة يتحاسدون.

·        إظهار النعم والحديث عنها يثـــــير الحاســـــــدين, وفي الخبر: » إنَّ كلَّ ذي نعمة محسود ».

·   فاتقوا الله أيها الناس, وتجنَّبوا الحسد, وافعلوا الخير, وجاهدوا أنفسكم, فإن كلاً منا يقع في نفسه الحسد, فمن جاهد نفسه لردِّه لم يضره شيء, وفي الحديث: » ثلاث لا ينجو منهن أحد : الظن والطيرة (التشاؤم) والحسد, وسأحدِّثُكم بالمخرج من ذلك: إذا ظننت فلا تتحقق, وإذا تطيَّرت فامضِ, وإذا حسدت فلا تبغ ».

·   ويقول الحسن البصري: » ما من ابن آدم أحدٌ إلا وخُلق معه الحسد, فمن لم يتجاوز ذلك بقول أو فعل لم يضره شيء «.

^   ^   ^

·        لكلِّ داء دواء, فعلاج الحسد يتم بوسيلتين: بالعلم والعمل ، فأما العلم:

·        أن يعلم أنه بالحسد يشارك إبليس في خُلُقه، الذي كان سبباً في هلاكه ، وخروجه من رحمة الله تعالى.

·        الحسد سخط على قضاء الله وقدره واعتراض عليه، حين اختص الله أُناساً بنعم دون آخرين.

·   الحسد ضرر على الحاسد ومنفعة للمحسود، فالحاسد يُنقص من حسناته ، مع ما يجده من الألم والحزن، والمحسود يناله الأجر والثواب.

·        لابد أن يعلم الحاسد أنه لابد أن يحدث في الوجود ما لا يريد ، سواء أحبَّ ذلك أو كرهه.

·        وأما العمل:

·        إذا حملك الحسد على ذمِّ المحسود : فاجتهد في مدحه.

·        إذا حملك الحسد على التكبُّر عليه : فاجتهد في التواضع له.

·        إذا حملك الحسد على منع خير عنه : فاجتهد في إيصال الخير إليه.

·        نعم أيها الإخوة إن هذا أمر شديد وصعب ،  ولكن كثيراً ما يكون العلاج في الدواء المر.

·        ومن أراد أن لا يحسد أحداً ولا يحسده أحد فلا يزاحم الناس في دنياهم ومحبوباتهم, ولكن من يقدر على هذا ؟