الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الروحية @ 14ـ العمل الصالح في العشر من ذي الحجة


معلومات
تاريخ الإضافة: 12/9/1427
عدد القراء: 1136
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

·    إن الناظر في كتاب الله تعالى وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد الصلة في غاية القوة بين الإيمان والعمل الصالح.

·          قال الله تعالى: ) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (.

·          وقال أيضاً: ) الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (.

·          وقال أيضاً: ) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (.

·          وقال أيضـاً: ) وَإِنِّي لَغَفّـَارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (.

·    وكثيراً ما كان يربط رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الإيمان والعمل الصالح فيقول: » من كان يؤمن بالله واليوم الآخر : فلا يؤذِ جاره «.

·          ويقول: » من كان يؤمن بالله واليوم الآخر : فليكرم ضيفه« .

·          ويقول: » من كان يؤمـــن بالله واليوم الآخر: فليقل خيراً أو ليصمت «.

·    ويقول: » إذا أحْسَنَ أحدكُم إسلامه فكلُّ حسنة يعملُها تكتب له بعشْر أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف ، وكلُّ سيئة يعملها تُكـتب له بمثلها «.

·          وهكذا أيها المسلمون الرباط في غاية القوة بين ما وقر في القلب من الإيمان ، وبين العمل الصالح.

·    ولعل من أفضل الأيام التي يغتنمها المسلم ويحرص عليها : أيام العشر الأُوَل من ذي الحجة ، التي يفضِّلها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول عنها: » ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هـذه الأيام العشر، قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء «.

·    يدل هذا الحديث أن العمل الصالح في هذه الأيام العشر أفضل من العمل في جميع أيام الدنيا، فالأعمال فيها مضاعفة ، والأجور فيها متوافرة.

·          وقد يكون العمل الصالح صغيراً ، ولكنه في هذه الأيام المباركة يرتفع ويعظُم ليفوق منزلة الجهاد في سبيل الله.

·          وذلك يرجع إلى أن العشْر تقع في أفضل وأعظم الأشهر الحُرُم، وهو شهر ذي الحجة.

·          والعشْر تشمل يوم عرفة ، وهو أفضل أيام الدنيا، وتشمل العشْر أيضاً يوم النحر وهو أعظم أيام الدنيا.

·    أيها المسلمون : إن أبواب الخير والعمل الصالح في هذا الدين كثيرة، فقد ينشط المسلم لنوع من الأعمال الصالحة دون نوع آخر، ويميل إلى بعضها دون البعض الآخر وهكذا.

·          ولعل في تعديد بعض أبواب الخير التي يمكن أن يقوم بها المسلم في هذه الأيام ما يُعيننا على اغتنام هذه العشر :

·    باب العبادة: تجديد الإيمان، الحرص على الصلاة، أداء النوافل والرواتب، الصيام ، ولاسيما يوم عرفة لغير الحجاج، ختم القرآن، الإكثار من الذكر ؛ فإن الله تعالى يقول : ) وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ (، وهي أيام العشر، وكذلك التكبير، والدعاء، وذبح الأضاحي، والتأمل والتفكر.

·    باب العلم: تعليم الناس والحجاج، توزيع الكتب والأشرطة، توزيع المصاحف، حضور مجالس العلماء، تعلُّم بعض الأحكام الشرعية، تخصيص وقت للقراءة النافعة، تعليم الأميين، كما كان يفعل وكيع بن الجراح؛ فقد كان يخصص ما بين الظهر والعصر لتعليم رعاة الإبل.

·    باب الأخلاق: عقد العزم على التحلي في هذه الأيام بالأخلاق الحسنة، من كان بخيلاً فليمارس الكرم، من كان سريع الغضب فليمارس الحلم، من كان كثير الكلام فليمارس الصمت، من كان عبوساً فليمارس البشاشة، من كان عنيفاً فليمارس الرفق، من كان مُبتلىً بإطلاق البصر فليعزم على غضِّه، من كان مدمناً على السيئ من وسائل الإعلام فليقلع عنها في هذه العشر على الأقل.

·    باب الاجتماع: الإحسان إلى الوالدين، التعرف على بعض الحجاج وملاطفتهم، مساعدة التائه، زيارة المستشفيات، الخروج للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التزام الموظف بالإحسان في عمله واحترام المراجعين، إكرام الضيف، الزيارة في الله تعالى، صلة الرحم، الإحسان إلى الخدم، الإحسان إلى الجار، الالتزام في هذه الأيام المباركة بعدم إزعاج أحد من الناس.

·    باب المال: تخصيص هذه العشر لدفع الزكاة، عدم رد السائل, الكف عن السؤال، السماحة في البيع والشراء ، التبرع للمحتاجين، تخصيص العشر لشراء كسوة الأولاد، مساعدة أصحاب الديون لاسيما من المسجونين.

·    باب الصحة: الالتزام بعدم تلويث الشوارع، إماطة الأذى عن الطريق، الإقلاع عن التدخين، فطام الجسم عن سوء التغذية، تجنب جميع العادات الصحية السيئة في الأكل والنوم والحركة للقيام بحق الجسم.

^   ^   ^

·    أيها المسلمون : من عَجَزَ عن القيام بشيء من هذه الأعمال الصالحة فأقل ما يقوم به : هو  أن يُحسِّن نيته ، وأن يعزم عزيمة الخير ؛ فبالنية الصالحة يبلغ العبد  أعلى المراتب.

·          ومن لا يريد أن يقوم بشيء من هذه الأعمال الصالحة فأقل القليل أن يكفَّ شره عن الناس فإنها صدقة.

·    إن القيام بالواجبات الشرعية، وتجنب المحرمات: هي فروض لابد أن يقوم بها المسلم، وليس له خيار في أن يقوم بها أو يدعها.

·          أما النوافل فهو مخير في الأخذ بها أو تركها، إلا أن المسلم حريص إذا فُتح له باب خير أن يغتنمه ولا يتركَه.