الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الروحية @ 7ـ التربية الروحية


معلومات
تاريخ الإضافة: 12/9/1427
عدد القراء: 2126
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

·   لقد خلق الله الإنسان من روح وجسد, خلقه مزدوج الطبيعة, فأما الجسد فمن طين هذه الأرض, وأما الروح فمن عالم الغيب.

·   روى أبو داود في سننه أن الله أمر جبريل عليه السلام أن يقبض قبضة من طين الأرض, ثم أمره أن ينفخ فيه الروح.

·   فخلق الله آدم من هذه القبضة, خلقه بيده إكراماً وتشريفاً له, وأما الروح فهي خلق من خلق الله أسكنها جسد آدم, فكان في أحسن تقويم.

·   وأما ذرية آدم فخلقها الله من ماء مهين, وهو في أصل تكوينه وتركيبه يرجع إلى الطين, وأما الروح فإن الله يبعث المَلَكَ حين يُتمُّ الجنين مائة وعشرين يوماً في بطن أمه: فينفخ فيه الروح.

·        فالإنسان مخلوق مزدوج الطبيعة، فيه الروح من عالم الغيب, وفيه الجسد من طين هذه الأرض ومكوناتها.

·        ومن هنا كان لزاماً على منهج التربية أن يراعي هذين الجانبين من الإنسان: جانبه الروحي، وجانبه المادي.

·   وعلى الرغم من اتفاق الناس على أن صلاح الجانب المادي من الإنسان في الغذاء والدواء والرياضة فقد اختلفوا في جانب الإنسان الروحي اختلافاً بيناً, حتى إن بعضهم أنكر وجود الروح أصلاً, وحصر الإنسان في جانبه المادي.

·   ومن أثبت وجود الروح منهم فقد شطح بعيداً في منهج تربيتها, ضمن مناهج بشرية فلسفية, تتخذ من الرياضات الروحية منهجاً تربوياً لها, فتراهم ينهجون أساليب غريبة يزعمون أنها تربي أرواحهم, كالطبل والزمر والتجويع ونحوها.

·        وقد نسيَ هؤلاء أن الروح من عالم الغيب المحجوب عن الإنسان, فلا يطلع عليه إلا من خلال الوحي الرباني.

·   ولهذا كانت التربية الروحية جزءاً أصيلاً من وحي الله المبارك الذي أنزله على رسله الكرام, حتى إن الناظر في القرآن الكريم ليجده كتاب تربية روحية بالدرجة الأولى.

·        ولقد شرع الله لنا في كتابه العزيز منهج التربية الروحية, بما يكفل تغذية الروح, وتطهير النفس وتزكيتها.

·   فالصلاة التي شرعها الله لعباده, تعتبر أعظم مورد روحي للإنسان, لا يُتصور قيام المسلم في حياته بغير أداء الصلاة.

·   ولهذا كانت الصلاة مورداً عظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم في إعداده وإعانته على الدعوة: ) يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (.

·   وإن الإنسان ليتعجَّب من أناس لا علاقة لهم بالصلاة, يأكلون ويشربون ويذهبون ويأتون ، ثم لا يركعون ولا يسجدون.

·        لا يدخل أحدهم المسجد إلا مُضْطراً, لا تدري عن وضوئه، ولا عن صحة صلاته.

·        أي ظلمة هذه التي يحملها هذا الصنف من الناس في قلبه, وأي ضيق ونكد يعيش به في حياته.

·   وأما الصيام فهو رافد عظيم من روافد التربية الروحية, يزكِّي النفس, ويضبط الشهوة, ويشرح الصدر، وينوِّر العقل.

·   وليس من عبادة خُتمت بطابع الإخلاص كعبادة الصيام, فلا يطَّلع عليها إلا الله عز وجل, ولهذا كان أجرها وافراً ومضموناً.

·        وقد تكفَّل الله تعالى بثواب الصيام فقال في الحديث القدسي: »الصيام لي وأنا أجزي به «.

·   وأقلُّ الصيام أن يصوم المكلَّف شهراً في السنة, ولا يُتصور من مسلم بالغ قادر مقيم أن يفرط في هذه العبادة العظيمة.

·   وأما الزكاة فهي باب عظيم من أبواب تزكية النفس, فإن من أخرج زكاة ماله فقد ذهب عنه شُحُّهُ ، وبرئ من البخل.

·   ولا يُتصوَّر من مسلم مَلَكَ نصاباً، وحال عليه الحول، ثم لا يخرج زكاته للمستحقين, وقد ربط الله بين الصلاة والزكاة في آيات كثــيرة ) وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ (.

·   وأما الحج فقد وعد المولى من أدَّاه على الوجه الصحيح أن يخرجه من ذنوبه كيوم ولدته أمُّهُ, قد تزكَّت نفسُه, وطهرت روحه.

·   والمسلم الصــالح حريص على أداء هذا الركـن مادام مســتطيعاً, ولا يتصور من مسلم مستطيع يُسوِّف في هذا الواجب العظيم.

·   أيها المسلمون : إن النفس البشرية لا يمكن لها أن تتزكَّى وتتطهر وتترقى دون أن يكون لها نصيب من هذه العبادات, مهما ادعى أصحابها، فاحرصوا أيها المسلمون عليها، فهي طريقكم للتربية الروحية.

·   أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ) وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِـدُوهُ عِندَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ  (.

^   ^   ^

·   أيها المسلمون: إنَّ هذه المناهجَ العبادية, حتى تُؤتيَ ثمارَها في تزكية النفس وتربية الروح لابد لها من شرطين أساسين:

·   الشرط الأول : الإخلاص لله تعالى, بحيث يخلص العمل من الشرك والرياء والسمعة, فيكون خالصاً لله تعالى, فالله أغنى الشركاء عن الشرك.

·   وأما الشرط الثاني : فهو المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم, بحيث يخلو العمل من الابتداع, فيكون صواباً على السنة.

·   واعلموا أن أعظم ميدان يجاهد فيه المسلم هو تحرير نيته, وسلامة مقصده, فهو من أعظم ميادين الجهاد, ومن أشدِّها على العباد.

·   وكذلك تحري الصواب, والمجاهدة في متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم, وهذه كثيراً ما تعترضها البدع مما يستحسنه بعض الناس, مخالفاً لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم.

·        فاحرصوا أيها المسلمون على هذه العبادات, وجاهدوا في الإخلاص والمتابعة تفلحوا وتؤجروا.