الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الإيمانية @ 19ـ زلزال جنوب شرق آسيا المدمر 1425هـ


معلومات
تاريخ الإضافة: 12/9/1427
عدد القراء: 1052
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

·   لما أراد الله أن يخلق بشراً من طين: أمر جبريل  عليه السلام أن يقبض قبضة من طين الأرض, من جميع أنحائها, فجاء الخلق على شكل هذه القبضة في أشكالهم وألوانهم وطبائع أخلاقهم.

·       ولما أراد الله تعالى كرامة الإنسان:  خلقه بيده, وأسجد له ملائكته, وأسكنه جنته.

·       وفي الوقت نفسه لما أراد الله فتنة إبليس المتنسِّك المتعبد بين الملائكة: ابتلاه بالسجود لآدم.

·   فثارت في نفس إبليس نوازع الكبر والحسد والغيرة, فآثر العصيان على الطاعة, واختار الكفر على الإيمان.

·   وقد برَّر إبليس امتناعه عن السجود بشرف أصله, فقال كما حكى الله عنه: ) أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (.

·   وعندها طرده الله من رحمته, وأخرجه من الملكوت الأعلى، وأمهله إلى يوم البعث, ليكون فتنة لذرية آدم المستخلفة في الأرض.

·   فلما ضمن إبليس البقــــاء: أعلن أمام الرب خطته الفاجرة الآثمة: ) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (.

·       وعندها قال الرب: ) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ (.

·   ومن هذا الوقت توجَّه إبليس بكيده للأبوين ينتقم منهما؛ حين كانا سبباً في فتنته، وطرده من رحمة الله.

·   وكان أولُ ما يُهمُّهُ: إخراجَهما من الجنة, فكانت خطَّته بالحلف لهما، والقسم بأن الطريق للخلد: الأكلُ من الشجرة الممنوعة.

·   وما ظنَّ آدم وزوجُهُ أنَّ أحداً يمكن أن يحلف بالله كاذباً, فكانت الفتنة بالأكل من الشجرة والوقوع في المعصية.

·   وكان أولُ شؤم المعصية عليهما: انكشاف عوراتِـهِمَا, ثم إخراجَهُمَا من الجنة, ثم هبوطَهُمَا بعد ذلك مع إبليس إلى الأرض.

·   ولم تكن توبة آدم وزوجِهِ كافية لبقائهما في الجنة: حتى ينزلا إلى الأرض، فيذوقا فيها من : الشقاء والهم والنكد.

·   أيها المسلمون: إن هذه القصة التي تواترت أخبارُها في الكتب السماوية, وجاءت في القرآن الكريم مفصَّلة : لهي – في الحقيقة - من أعظم القصص القرآني الواقعي الصادق المعبِّر عن خطر الغواية الشيطانية على الإنسان, فأين كان آدم وأين أصبح ؟

·   إن ما حصل لآدم وزوجه من الفتنة: حاصلٌ لكلِّ واحد من ذريته من بعده في صور ومواقف مختلفة.

·   فمن الناس من يفتنه الشيطان بالشك في عقيدته, والتردد في إيمانه, حتى تتمكن منه الشبهات المضلة، فيقع في الردة والضلال.

·   فكم من أناس كانوا أهلَ صلاح واستقامة, فمازال بهم الشيطان بغوايته حتى أصبحوا من أشد الناس ضلالاً وفتنة.

·   ومن الناس من يفتنهم الشيطان بالشهوات, فيزيِّنها لهم, ويمنِّيِهم بالتوبة, حتى إذا وقعوا فيها لم يخرجوا منها.

·   فكم من شارب خمر بدأ بجرعة ، فما لبث طويلاً حتى أصبح مدمن خمر, وكم من مدمن مخدرات بدأ بحبة، ثم هو بعد ذلك صريع مدمن، قد أسره المخدِّر.

·   وكم من زانٍ بدأ بمكالمة هاتفية, أو نظرة عابرة, فإذا به لا يصبر عن الزنا، ولو مع أقبح الناس وأرذلهم.

·   وكم من شريف صالح تهاون في مخالطة المردان, فما لبث أن أصبح مفتوناً ، لا يجد متعته إلا في الأدبار المحرمة.

·   وكم من نزيه زاهد تهاون في قليل المال، فتدرج به الشيطان حتى أصبح من أكلة الربا، وأكلة أموال اليتامى والمساكين.

·   فكلُّ هؤلاء وأمثالُـهم قتلى للشيطان، قد صرعهم بغوايته, وفتنهم بزخرفه, فانظروا إلى المصروعين من مدمني المخدرات، ومن مرضى الإيدز, ومن عبَّاد الدرهم والدينار، ومن عبدة القبور، ومن الغاوين من أهل الفن والطرب والغناء والرقص.

·   وانظروا أيها المسلمون إلى غواية الشيطان في أهل الكفر من اليهود والنصارى والوثنيين والملاحدة, وانظروا إلى عظيم فتنته في المنافقين, الذين أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر, لا يستحون من الكذب والخداع، وصدق الله العظيم إذ يقول: ) وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (.

^   ^   ^

·   أيها المسلمون : إن غواية الشيطان ليست خاصةً بالكافر أو المنافق وإنما هي شاملة لكلِّ واحد من ذرية آدم, يهدف لأن يكونوا معه في أصحاب السعير, فإن عَجَزَ عن ذلك رضي بالقليل من عصيانهم وأخطائهم.

·   فأين أنت أخي المسلم من الحذر من غواية إبليس وأعوانِهِ, انظر كم نال إبليس منك, من قلبك, ولسانك, ونظرك، ويدك، ورجْلك.

·   وإنما هي خطوات، ربما بدأت يسيرة، ثم عظمت وتفاقمت ونقلت صاحبها إلى دركات بعيدة, وصدق الله إذ يقول محذراً المؤمنين: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ (.

فاتقوا الله في أنفسكم واحذروا مكائد الشيطان، فإنه لكم بالمرصاد, فكونوا أنتم له أيضاً بالمرصاد والعداوة والحذر.