الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الإيمانية @ 11ـ الإيمان بالملائكة وآثاره التربوية


معلومات
تاريخ الإضافة: 12/9/1427
عدد القراء: 1539
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

·       أيها المسلمون إنَّ ما خَفِيَ علينا من عالم الغيب وعجائبه أكثرُ بكثير مما علمنا.

·   إنَّ علم الإنسان محدود؛ بل إنَّ علم البشرية كلِّها إذا اجتمع بعضه إلى بعض فهو أيضاً قليل ومحدود أمام حقيقة حجم العلوم في هذا الكون )وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (.

·   إنَّ من أعظم صفات المؤمنين: إيمانَهم بالغيب كما قــــال تعــــالـى: ) الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (.

·   ومن حقائق عالم الغيب التي أخبر  بها المولى في كتابه: عالم الملائكة الأبرار عليهم الصلاة والسلام.

·   الإيمان بالملائكــة على ما جاء في الوحــي: أصلٌ من أصول الدين, لا يصحُّ الإيمان إلا بالاعتقاد بوجودهم على ما وصف الله تعالى.

·   وقد جعل المولى سبحانه وتعالى الإيمان بهم ركناً من أركان الإيمان, وفي الحديث: » الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر «.

·   والعجيب أن غالب الطوائف البشرية والأمم في القديم والحديث يؤمنون بوجود الملائكة، إلا أنهم يختلفون في أدوارهم وحقيقتهم.

·   فمنهم من يعتقد أنهم آلهة مع الله, أو بنات الله, ومنهم من يقول: أنهم الأفلاك ، وهكذا يخرصون في اعتقاداتهم بغير هدى.

·   والحقيقة أن الأصل في معرفة عالم الغيب هو الوحي المنزَّل من عند الله تعالى، ليس هناك طريق غيره إلا الظنَّ والخرص.

·   والإنسان بطبعه متشوِّق للمعرفة المحجوبة عنه في عالم الغيب ؛ و لهذا يتكلَّف ما لا يستطيع, وربما ذهب إلى السحرة والمشعوذين والمنجمين.

·   إن في حجْبِ عالم الغيب عن الإنسان رحمةً له, فلو انكشف له الغيب لهلك، فمن يطيق رؤية الملائكة على حقيقتها؟ فهذا أمر فوق الطاقة البشرية.

·   بل ليتخيل الإنسان منَّا أن أذنه تستقبل كلَّ الموجات الصوتية من حوله مثل حال المذياع، فكيف سوف تكون حياته؟

·   أيها المسلمـــون: لقـــد خلق الله عز وجل الملائكة من نور, إلا أنه لا يُعرف متى خُلقوا، وإنما علم ذلك عند الله تعالى.

·   وقد جعل لهم المولى عز وجل من القوة الخارقة والأجسام العملاقة ما لا يمكن تصوره, فلجبريل عليه السلام ستمائة جناح.

·   يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: » أُذن أن أحدِّث عن أحد حملة العرش، رجلاه في الأرض السفلى وعلى قرنه العرش, وبين شحمة أذنيه وعاتقه خفقان الطير سَبعمائة عام، يقول: ســـبحانك حيث كنت «, بل إن منهم من » لو قيل له التقم السماوات والأراضين السبع بلقمة لفعل، تسبيحه: سبحانك حيث كنت «.

·   وخلق الله الملائكة في صور حسنة كما خلق الشياطين في صور قبيحة, إلا بعض الملائكة لمقصد الفتنة كمنكر ونكير، ولمقصد العذاب كخزنة جهنم.

·   ولهذا كثيراً ما يصف الناس جمال البشر بالملائكة, كما قال النسوة عن يوسف عليه السلام: ) إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (.

·   والملائكة مع كل هذا لا يُوصفون بذكورة ولا أنوثة؛  فلا تناسل بينهم، قد نزَّههم الله عن الشهوات، وحظوظ النفس.

·       لا يملُّون من التسبـــيــح والتقديس لله تعالى: ) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ (.

·        يسكنــون السماء, في أعداد لا حصـــر لها، ) وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ (  .

·       فإن البيت المعمور في السـماء يدخله كلَّ يومٍ سبعون ألــف مــلـك لا يعودون إليه أبداً.

·   يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: » أطَّتِ السماء, وحُقَّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد«.

·   أيها المسلمون : لقد أوكل الله إلى الملائكة كثيراً من أمور الكون، فمنهم من خصَّه بالجبال, ومنهم بالمطر, ومنهم بالسحاب, ومنهم بالوحي وهكذا .

·   وقد أوكل المولى إلى الملائكة هذا الإنسان، فهم معه منذ أول نشأته في بطن أمه, ومعه في الحياة يحفظونه مما لم يُقدَّر عليه, ويكتبون عليه أعماله الصالحة وغيرها.

·   ومن الملائكة من يأتون لنصرة المسلمين, ومنهم السيارون يبحثون عن حِلَقِ العلم والذكر, ومنهم الموكل بالموت, والسؤال في القبر.

·   فالملائكة في علاقة وطيدة بالإنسان من أول حياته حتى دخوله إلى إحدى الدارين: الجنة أو النار, فهل نحن المكلَّفين على إدراك ووعي بذلك؟

^   ^   ^

·   أيها المسلمون : ما هو واجبنا تجاه هذه المخلوقات العظيمة الكريمة؟ إنه الإيمان, والحب, والأدب, والاقتداء.

·   لابد من الإيمان على ما وصف الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, ولابد من الحب لأنهم أولياء الله, والمؤمن يحب أولياء الله.

·   وأما الأدب فيتجنَّب المسلم كلَّ ما يُزعج الملائكة من المعاصي والمنكرات, وقبيح الأقوال, ونتن الرائحة, والتماثيل المصورة على صور الأحياء.

·   وأما الاقتداء: ففي طاعة الملائكة لربها، ودوام العبادة، ففي ذلك قدوة لنا في عدم الملل من ذكره سبحانه وعبادته حتى اليقين، فهذه المخلوقات على عظمتها لم تَرَ لنفسها الخروج عن طاعة الله، أو ترك عبادته.

·       أيها المسلمون : إن مراقبة الملائكة لنا، ورصدها لأعمالنا يساعدنا على ضبط سلوكنا.

·   كما أن وجودهم وقربهم وحبَّهم للمؤمنين: يُدخل الأنس على المستوحشين, فكيف يستوحش من يستأنس بالملائكة.

·   إنَّ أعظم درس يخرج به الإنسان من إيمانه بالملائكة: أن يعرف قَدْر نفسه، وضآلة حجمه أمام هذه المخلوقات العظيمة.

·   ثم ليُدرك بعد ذلك أن كلَّ هذه العظمة في هذه المخلوقات لا تعدو أن تكون مخلوقة من مخلوقات الله تعالى، مربوبةً له.

·       فإذا كان هذا حالَ بعضِ المخلوقات في عظمتها، فكيف هي حقيقة الخالق جل جلاله؟