الصفحة الرئيسة @ المقال الشهري @ المسيرة التاريخيَّة للتربية الإسلاميَّة


معلومات
تاريخ الإضافة: 1/6/1438
عدد القراء: 2452
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

مقال شهر جمادى الآخرة 1438هـ

المسيرة التاريخيَّة للتربية الإسلاميَّة

             بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله تعالى ، نبيِّنا وقدوتنا وسيِّدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد .. فإن المسار التاريخي للتربية الإسلاميَّة : بدأ بالتنزُّل القرآني على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمِن ذلك الحين خطَّت التربية الجديدة مسارها الأوحد الفريد ، على وقع آيات الكتاب المبين ، ونهْج صاحب الرسالة – صلى الله عليه وسلم - النبيِّ الأمين ، حتى إذا اكتملت أُسسها المتينة ، وقام بناؤها الشامخ ، وشُيِّدت حصونها المنيعة : أذن الله تعالى بقبض نبيَّه صلى الله عليه وسلم ، وقد ترك أمته على بيضاء نقيَّة ، واضحة المعالم ، كاملة البنيان ، لا غبش فيها ولا كدر ، فحمل أصحابه – رضي الله عنهم - من بعده الدين كما شرعه الله تعالى ، وكما مارسته عمليًّا الأسوة النبوية ، ثم حمله التابعون من بعدهم ، ثم تعاقبت على حمل الدين أجيالٌ بعد أجيال ، كلٌّ يغترف من معين لا ينضب ، ويعبُّ من مورد لا ينقطع ، فكانت الحياة إسلاميَّة النشأة والمسيرة والتطوُّر ، في كلِّ مناشطها : التعبديَّة ، والتشريعيَّة ، والفكْريَّة ، والعلميَّة ، والاجتماعيَّة ، والاقتصاديَّة ، والسياسيَّة .

         غير أن الأمة قد تبعُد أحياناً عن نهجها القويم ، فتندُّ عن مسْلكها الإسلاميِّ الفريد ؛ لعارض يعرْض لها في مسيرها ، أو مُعيقٍ يعوقها عن مواصلة طريقها ، ثم ما تلْبث أن تعود إلى رشدها ، متجدِّدةً أفضل وأحسن ما كانت ، تنفي الخبث عن نفسها ، وتُزيل النجس عن ثوبها ، فكلَّما ندَّ شاذ من أفراد الأمة عن الطريق القويم ، وتنكَّب نهج الصراط المستقيم : عُولج على رجوعه أو قُطع ، فلا كرامة لأحد في الأمة بغير الدين ، ولا مكان لفردٍ منهم بغير الإيمان ، فالأمة حين تبْعد عن نهْجها لا تُبدِّل أصول دينها ، ولا تُغيِّر أسسها ومبادئها الأصيلة ، فتنقلب – والعياذ بالله تعالى - مرتدَّة على عقبيها ، وإنما هي الغفلة والسهو عن الطريق ، وربَّما انْتابها شيءٌ من الهوى الغالب ، فتبْعد عن مسيرها بقدر غلبة ذلك عليها ، إلا أنها – مع كلِّ هذا – لا ترى لدينها بديلاً ، ولا تطْلب له مثيلاً ، فإن فاتها السلوك القويم ، لم يفتْها الاعتقاد السليم .

          وعلى هذا النحو عبرت الأمة الإسلاميَّة قرونها الماضية : تُقبل تارة ، وتُدْبر تارة أخرى ، فتعاقبت على قيادة الأمة - في مسيرها هذا - دولٌ وسلاطين ، تشرَّفوا بحمل الشريعة ، وعملوا بمقْتضى الإيمان ، وفق ما أدَّاه إليه اجتهادهم ؛ فمُصيبٌ ومُخْطئ ، ومُحسنٌ ومُسيء ، غير أنهم - في كلِّ هذا – لم يُجاوزا حدَّ الإسلام ، ولا ندُّوا عن أصل الإيمان ؛ إذ لم يكن أحدٌ من الأمراء – أياً كان – يجْرؤ على نبذ الشرع ، أو يُنْكر ما عُلم منه بالضرورة ، وإنما هو اجتهادٌ بالشرع مأْجور ، أو ذنبٌ بالتوبة مغْفور .

         وعلى هذا النحو كان مسير الأمة التاريخي في حِقَبها الغابرة ، حتى كان العصر الحديث ، زمن السقوط المدوِّي الذريع للدولة العثمانيَّة ، التي كانت تمثل الرمز الباقي لوحدة الأمة الإسلاميَّة ، وما تبع سقوطها – بعد ذلك - من إلغاء مقام الخلافة الإسلاميَّة ، التي كانت تُعبِّر – مع كلِّ ما كان فيها آنذاك من النقص والتقصير - عن الوحدة السياسيَّة للأمة الإسلاميَّة ، في رمزها الشامخ ، المُعبَّر عنه بالخلافة الإسلاميَّة ، التي حملت رايتها الدولة العثمانيَّة قروناً متطاولة من الزمان ، حتى إذا شاخت طاعنةً في السن ، وقد لحقها ما لحقها من معايب الشيخوخة وقصورها ، ومكر بها من مكر من أبنائها العاقِّين ، وكادها من كادها من منْدسِّيها المُنافقين ، عندها كانت فرصة أعدائها التاريخيين ، فتداعت عليها أمم الأرض المعادية قاطبة ، لتُجْهز على البقيَّة الباقية من معالم الدين والشرع ، فكانت حقبة الاستعمار الأوروبي البغيض ، الذي احتلَّ بقوَّة السلاح والعتاد ، وبأساليب الكيد والخداع : ديار المسلمين ، من العرب والعجم على حدِّ سواء ، إلا أجزاءً من الجزيرة العربية ، فمكث جاثماً مُتسلِّطاً على جميع مقدَّرات الأمة ومصالحها ، عقوداً متتالية من الزمان ، لم يتْرك من شؤونها شيئاً إلا صبغه بصبغته الفاجرة ، فغيَّر من معالم الأمة في دينها وأخلاقها وسلوكها : ما قُدِّر له من ذلك ، حتى العقيدة لم تسْلم من عبثه وإفساده ، ففُتن بزيفهم طوائف من أبناء المسلمين ، لم يكونوا متحصِّنين بعلوم الدين ، ولا مسْتبصرين بأنوار الوحي .

          ولقد كان من أولويَّات المُستعمر السياسيَّة : العبث بفكْر الأجيال المسلمة وثقافتها ، وذلك بقطع صلتها بتراثها العلمي السابق ، من خلال تغييبه عن الطلاب تارة ، أو تشويهه عندهم تارة ، أو تجهيلهم بمواضع مظانِّه ، وأساليب التعامل معه والاستفادة منه تارةً أخرى ، فتعاقبت أجيالٌ من أبناء المسلمين – على هذا الوضع الثقافي الشاذ – مقْطوعة الصلة بالتراث الإسلامي العريق ، جاهلة بعظيم شرفه ، وعلوِّ شأنه ومقامه ، حتى وصفه الجاهلون بالكتب الصفراء ، كناية عن القِدم والتهالُك ، وما أدركوا أنهم محْرومون من حظوظهم الثقافيَّة ، ومُغيَّبون عن كنوزهم العلميَّة ، بل حتى من كان من أبناء الجيل الجديد محْظوظاً بشيء من الثقافة الإسلاميَّة ، والحماسة الدينيَّة ، فقد كان عاجزاً - بقدراته وظروفه ، ومكبَّلاً بالنظم التعليمية والإداريَّة - عن بلوغ مراده من ثروة الأمة العلميَّة .

         إن أسوأ ما مُنيت به الأمة في حقبة الاستعمار وما أعقبها من أحوال وأهوال : هو تفريغ الجيل الناشئ من معالم ثقافته التراثيَّة الماضية ، التي تُميِّزه عن غيره بحزمة من المفاهيم والتصوُّرات والأفكار الخاصَّة ، التي – غالباً – ما تعتزُّ الشعوب بها ، وتتحمَّس بقوَّة لها ، فما تزال الأمم - قاطبة منذ أول الدهر وحتى اليوم - تعتزُّ بثرواتها التراثيَّة ، حتى وإن كانت غريبة وضيعة ، فتُوظِّفها بشكل فعَّال في شحذ الهمم شعبيًّا ، وربط الجماعة والأفراد روحيًّا ، حتى إن الشعوب الوثنيَّة ، والأقوام أصحاب الديانات الغريبة الخرافيَّة ، وطوائف كثيرة من حملة المعتقدات الشاذة الضلاليَّة ، مما لا يُعقل ولا يُفهم ولا يُصدَّق ، كلُّ أولئك - على ضلالهم وشذوذهم - يحْتفون معْتزين بأنواع تراثهم الثقافي ، ويلْتفُّون مجتمعين حوله ، فلا يخْجلون من إحياء معتقداتهم الخرافيَّة في مواسمهم الدينيَّة ، بصورة مستمرَّة مديدة ، باعتبار ذلك - في تصوُّرهم - تراثاً حضاريًّا محْترماً ، يستحقُّ إبرازه للعالَم ، والإشادة به بين الشعوب ، وإظهاره للدنيا في غير خجل أو وجل ، حتى إن أكثر الأمم تقدُّماً تكْنولوجيًّا في شرق آسيا ، في هذا العصر : تحتفل كلَّ عام - بصفاقة كاملة ، وشناعة مخْزية – بما يُسمَّى : مهرجان القضيب !! فيشْترك الشعب بكلِّ فئاته الاجتماعيَّة : الرجال والنساء ، والصغار والكبار ، والعامة والخاصَّة ، في ممارسة طقوس دينيَّة مشينة ، ضمن حركات حقيرة ووضيعة ؛ من صور التمسُّح والتنسُّك والتبرُّك والإجلال لرمز القضيب ، الذي تحمله الجماهير – بأحجام مختلفة - على أكتافهم تارة ، أو بين أيديهم تارة أخرى ، فيجُوبون به الشوارع والطرق ، مُبْتهجين بهذه المناسبة ، فيهْتفون ويتغنَّون ويتباركون ، ضمن مظاهر سلوكيَّة مشينة مؤلمة ، هي إلى الوقاحة الخُلُقيَّة والسلوكيَّة : أقرب منها إلى الفكْرة الدينيَّة .

        إن احترام العالَم المُتحضِّر في ألفيَّته الميلاديَّة الثالثة ، لمثل هذه المسالك الدينيَّة الشاذة والقبيحة ، باعتبار هذا السلوك المُخْزي من حقوق الشعوب المشروعة المحترمة ، في الوقت الذي يستهجن فيه ألف عامٍ من التحضُّر والمدنيَّة في تاريخ الإسلام ، ارتقت فيه الإنسانيَّة الوضيعة ، من أوحال الضلال والفساد والظلم ، إلى مقامات العقل والشرف والرحمة : هو في الحقيقة جريمة خُلُقيةٌ وأدبيَّة مشينة ، لا يغْسل أدرانها النجسة ماء البحر ولا النهر ، فدين الطهارة والنقاء ، والغُسل والوضوء ، والستر واللباس : يُوسم بضدِّه ؛ من الفُحش والقُبح والتخلُّف والهمجيَّة ، ثم لا يكون هذا الظلم - في حقِّ الإسلام وأهْله - من فعل الكفَّار المعادين ، وإنما يتنادى به بعض أبناء المسلمين الغافلين والمفْتونين ، ممن تربَّوا على مناهج المستعمر وبرامجه التعليميَّة ، في الوقت الذي حُرموا فيه من رحمة شريعتهم وعلومها .

         لقد استطاع المُستعمر الغربي – بمكْر ودهاء أحياناً ، وبقوَّة السلطة والنفوذ أحياناً أخرى - أن يحول بين الجيل الناشئ ، وبين تراثه الإسلامي العريق ، فكان من جرَّاء ذلك : وقوع جمهرة من المسلمين في الاعتقاد الآثم ، بقصور دين الإسلام عن مواكبة عصر النهضة العلميَّة الحديثة ، حتى استقرَّ في أذهانهم : أن مَن رام التحضُّر ، أو أراد التقدُّم ، لا بدَّ له أن يسْلك طريق المُتحضِّرين ، وينهج سبيل المتقدِّمين ، فاسْتقرَّ هذا الاعتقاد الخادع في نفوس الكثير من أبناء المسلمين ، فكان للمستعمر ما أراد من قطع صلة الجيل الجديد بتراثه الإسلامي السابق .

         والغريب في أمر الأمة في هذا الشأن التربوي خاصَّة : أن زوال جحافل الاستعمار عن ديار المسلمين ، وغياب أدوارهم المباشرة في مقدَّرات الأمة ومصالحها : لم يُغيِّر من طبيعة الوجهة التربويَّة وسياساتها الاستعماريَّة ، إلا بالقدر الذي يُسْتخفُّ به السذج والسفهاء ، ممن تولَّوا آنذاك وضع سياسات التعليم وتسييرها ، في تلك الدول التي زال عنها حكم الاستعمار المباشر ؛ إذ كان من المُتوقَّع - بل من المفروض الذي لا يجوز غيره – أن تسعى السياسات التعليمية – فكريًّا وتطبيقيًّا – إلى إزالة الآثار التربويَّة المُدمِّرة ، للحقبة الاستعماريَّة البغيضة ؛ بحيث تعمل جادَّة على إعادة مسار التربية التاريخي إلى طبيعته قبل مرحلة الاستعمار ، فتربط - من جديد - نهضة الأمة المنشودة والمُرتقبة بتراثها السابق ، فتعود اللُّحمة التاريخيَّة نسيجاً واحداً ، كما كانت عبر أحقاب القرون الإسلامية الماضية .

         غير أن المفاجأة المرَّة كشفت لاحقاً : أن وارث المُستعمر - في القيادة السياسيَّة - كان أخلصَ له من نفسه ؛ إذ لم يتغيَّر شيءٌ ذو بالٍ في السياسة التربويَّة ، سوى أن الذين يتولَّون تنفيذ السياسات التعليميَّة : هم أبناء المسلمين أنفسهم ، مما أعطى قراراتهم - المعارضة لجوهر الدين - صبغة شرعيَّة .

          وكان من نتائج هذا الوضع التربويِّ الشاذ : استمرار سياسات الاستعمار التعليميَّة ، ولكن هذه المرَّة بأيدي إسلامية ، تُكرِّس في الأمة التخلُّف والتبعيَّة ، وتؤكِّد القعود والرجعيَّة ، فانطلقت البعثات إلى أرض المعاد في أوروبا ، ثم قامت – على إثر ذلك - المعاهد والكلِّيات والجامعات ، في ضوء اجتهادات المُبتعثين العائدين إلى أوطانهم ، فمنهم : الباحث ، والكاتب ، والمُترجم ، والناقد ، كلُّهم – إلا قليلاً – ظاهره الإسلام وباطنه الاستعمار ، حتى إن البصير اليقظ من أبناء الأمة ، لا يكاد يجد فرْقاً جوهريًّا ؛ بين ما كتبه الأوروبيُّون في مجال العلوم الإنسانيَّة ، وبين ما يكتبه وينْشره المُبْتعثون القادمون من هناك ، إلى أن عجَّت المكتبات والمراكز العلميَّة بالمؤلَّفات : إما ترجمة عن غير المسلمين ، وإما نقلاً عنهم ، بلا نقد ولا تمحيص ، حتى وجد المُبطلون من بعض سفهاء الغرب ، وشذاذ الفكر ، وحمقى الرأي : سوقاً رائجة في بعض جامعات العالم الإسلامي ، باعتبار ذلك علماً يستحقُّ التدريس ، ومعرفة ضروريَّة لبناء شخصيَّة الطالب ، إلى درجة أن وقاحات عابد الفروج اليهودي : سيجموند فرويد ، التي يخْجل الحييُّ من روايتها ، فضلاً عن تقديرها واحترامها : كانت – للأسف - ولا تزال حتى الآن : موضع اهتمام واحترام كثير من الباحثين النفسيين العرب ، فخرافاته الجنسية مترجمة باللغات ، ومتوافرة في جميع المكتبات ، وفوق ذلك لا تخضع للرقابة – غالباً – من الجهات الإعلامية ولا الدينية ، باعتبارها مراجع ودراسات علمية !! في الوقت الذي قد تُمحَّص فيه الآراء العلمية الموثقة ، التي تردُّ على فواحشه وافتراءاته ، وربَّما تعرَّض بعضها للمنع والإبعاد .

          إن هذا الوضع التربوي العام - على اختلاف درجاته في المجتمعات الإسلامية – لا يُمكن له أن يبني شخصيَّة إسلامية محترمة ، يمكن الاعتماد عليها في حمل المسئوليَّة التربوية ، وإنما يُخرِّج أجيالاً مشوَّهة ، لا تصلح للقيام على أنفسها ، فضلاً عن أن تقول على غيرها ، فإن من المسْتقرِّ تربويًّا ، ومن المُتفق عليه عقْلياً : أن المنهج التربويَّ المسْتورد – مهما كان مستواه من التفوُّق العلمي – لا يُمكن أن يُعبِّر عن ثقافة محليَّة لم يصدر عنها ، كما أنه - بالضرورة – لا بدَّ أن يحمل في طيًّاته بعضاً من ثقافة المولد ، إن لم يكن هو - في ذاته - تعبيرٌ صادقٌ عن ثقافة المنْشأة الأول ؛ إذ من المستحيل - في جميع مجالات العلوم الإنسانيَّة - الفصل بين ما هو علميٌّ بحْتٌ ، وبين ما هو ثقافيٌّ محْضٌ ، فهذا عند الخبراء من أعظم الكذب والافتراء ، وإنما يُمكن قبول دعوى الفصل هذه ، في مجالات العلوم الطبيعيَّة ، التي تقوم في أصلها الكوني على أساس الحياد .

           ولهذا يحاول المبْطلون عبثاً : أن يُقْنعوا غيرهم بالتطابق العلميِّ ، بين مناهج البحث في العلوم الطبيعيَّة ، ومناهج البحث في العلوم الإنسانيَّة ، فيزعمون أن ما ينطبق في مباحث الكون ؛ في الفيزياء والكيمياء والجيولوجيا ونحوها ، ينطبق على التخصُّصات في العلوم الإنسانيَّة ؛ في العقيدة ، والاقتصاد ، والتربية ، والنفس وغيرها ، دون اعتبار للفروق الجوهريَّة بين ما هو ماديٌّ صرف ، وبين ما هو مزدوج الأصل والخلْقة .   

           إن هذه الفوضى الفكريَّة في مجالات التربية : تُحتِّم على رجال الفكر ، وقيادات العلم ، ورجالات الرأي : أن يُراجعوا حاجة مجتمعاتهم ، وافتقارها إلى منهج التربية الإسلامية ، بأبعاده التربويَّة الشاملة ، وعمقه الروحيِّ الإيمانيِّ ، ليكون أساس الانطلاقة العلميَّة للأمة ، والأصل الأصيل المعتمد عليه للنهضة ، فإن ما أصلح أوَّل هذه الأمة ، وقام ناهضاً بها ، لا يزال كما هو صالحٌ في هذا العصر ، وفي كلِّ وقت ، لينهض بالأمة المُتعثرة من جديد ، ويسوقها نحو آفاق سامقة عالية ، من معالم التقدُّم والازدهار ، التي تنْشُدها الأمة منذ عقود ، ولا تهتدي إليها .