الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الاقتصادية للفتاة @ 32- ملخص ضوابط تشغيل النساء


معلومات
تاريخ الإضافة: 3/7/1432
عدد القراء: 2511
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

كثيرون – في الحياة المعاصرة – لا يفرقون بين الرجل والمرأة ، من حيث الطبيعة الفطرية ، والمهمة الاجتماعية ، وحدود الإمكانات والقدرات ، فيعتقدون أن مهمة الجنسين في الحياة واحدة ، وإنما الاختلاف بينهما ينحصر في مهمة الإنجاب ، التي تنوء المرأة بحملها الأكبر ؛ ولهذا تُطالب المرأة – بناء على هذه النظرة – بالقيام بجهد مضاعف ، ومهمة مزدوجة ، إحداهما خارجية ، تشارك فيها ضمن القوى العاملة ، وينطبق عليها من القوانين – في الغالب الأعم – ما ينطبق على الذكور في أسواق العمل ، وأما المهمة الأخرى فداخلية؛ حيث تنفرد وحدها برعاية أسرتها ، والقيام على صغارها .

إن نظام الإسلام التربوي يولي المرأة خصوصية اجتماعية تميِّزها عن الرجل ، ويلزمها أحكاماً تختلف – في كثير من الأحيان – عن الأحكام التي يلزمها الرجل ، وهذا يُوجب على المجتمع المسلم مراعاة هذه الخصوصية في حق النساء ، وأخذها بعين الاعتبار عند سن القوانين والأنظمة المتعلقة بالعمل.

ومن هنا برزت أهمية وضع الضوابط التي تحكم مشاركة النساء في ميادين التنمية الاقتصادية العامة ، وتضمن الحفاظ على النساء العاملات ضمن نطاق خصوصيتهن الاجتماعية، مع مراعاة أدوارهن الأسرية ، وطبائعهن الفطرية ، وحدود إمكاناتهن المتاحة ؛ حتى لا تتعرض المرأة العاملة لأزمات تشغيل النساء ، التي تعاني منها المرأة العاملة المعاصرة في غالب قطاعات العمل الحديثة.

إن حركة الإنسان في الحياة ، وتفاعلاته الاجتماعية ، بكل ما تحمله من جزئيات وتفصيلات : تحكمها إرادة الله – تعالى – بنوعيها : الكونية والشرعية، فإرادته – سبحانه وتعالى – الكونية تحكم الإنسان بالقضاء والقدر ، وهذه إرادة لازمة لا خيار للإنسان فيها ، ولا مشيئة له فيها ، وأما الإرادة الشرعية ؛ فهي أحكام الله – تعالى -  التي ألزم بها المكلفين ، ضمن حدود طاقاتهم المتاحة، والتي تضمنها وحيه المبارك ، الذي أنزله على رسله الكرام عليهم جميعاً الصلاة والسلام .

وهذه الإرادة الشرعية فرض لازم على المكلفين يقومون بأعبائها ، ويعملون بمقتضاها ، سواء كان ذلك في العقائد والعبادات ، أو في الحدود والمعاملات ، فليس شيء من شؤون الحياة العامة أو الخاصة ، إلا وقد تضمنها وحي الله المبارك في كتابه الكريم ، أو في سنة رسوله الأمين  ، إما في خطاب خاص مباشر ، أو ضمن نصٍّ عام يضم في محتواه كثيراً من شؤون الحياة ومستجداتها ، إضافة إلى ما تُجمع عليه الأمة، من أحكام وتشريعات مبنية على الكتاب أو السنة.

ولم تكن قضية المرأة ، وما يتعلق بها من أحكام لتغيب عن خطاب القرآن ، وتوجيه السنة ، وإجماع الأمة، فهي كائن مكلَّف ، ومخاطب بالوحي ، وملزم بالاعتقاد والعمل ، في استقلالية كاملة عن الرجل ، فلو قُدِّر أن فرَّط الرجال في العمل بالدين ، فلا يُعَدُّ ذلك عذراً للمــرأة بأن تفرِّط – هي الأخرى – في العمل بدينها .

ولقد تضمن القرآن الكريم ، والسنة المطهرة جمعاً كبيراً من النصوص العامة والخاصة ، التي تعدُّ المرأة إعداداً تربوياً متميِّزاً ، لتكون عضواً اجتماعياً صالحاً ، وتهيؤها – بالدرجة الأولى – لتقوم بدورها الأسري في الإنجاب ورعاية النسل ، وتضبطها في سلوكها ضمن خصوصية اجتماعية متميِّزة ، فالمجتمع المسلم مدعو لتلمس التوجيه الرباني ، والإرشاد النبوي فيما يخص المرأة المسلمة ، والعمل بهما في كافة الشؤون الخاصة بالمرأة ، ولا سيما الشأن العام ، الذي يختص بمصلحة المجتمع المسلم ، مثل قضية مشاركة النساء في ميادين التنمية الاقتصادية العامة .

إن منهج الإسلام التربوي يولي عناية خاصة بالمرأة ، ضمن أحكام وتشريعات تحفظ لها مكانها وشخصيتها ، وتعدها لدور اجتماعي متميز ، ومسؤولية أسرية وتربوية خاصة ؛ حيث يحوي منهج الإسلام التربوي ثمانية عشر ضابطاً ، ضمن ستة عناصر رئيسة، تحكم مشاركة المرأة في ميادين التنمية الاقتصادية العامة ، وذلك على النحو التالي :

1 – الضوابط الأخلاقية : حيث تحكم هذه الضوابط عمل المرأة من جهة منع اختلاطها بالرجال الأجانب في ميدان العمل ، ومن جهة تحريم استغلالها غريزياً في تحقيق مكاسب اقتصادية ، وقد شهد الواقع المعاصر غياب هذه الضوابط بصورة تكاد تكون عامة عن الواقع التطبيقي في ميادين العمل ، ضمن ممارسات وسلوكيات يأباها الإسلام للمرأة .

2 – الضوابط الإنسانية : من حيث حفظ كرامة المرأة العاملة من الاشتغال بالأعمال الوضيعة في الحياة العامة ، مما لا يليق بها ، وحفظ ذاتها – أيضاً – من الأعمال الشاقة المرهقة التي تضر بها ، مع مراعاة حقوقها المالية في غير إجحاف ، إلا أن الواقع التطبيقي في تشغيل النساء لم يراعِ – في غالب الأحيان – هذه الضوابط ؛ فقد اشتغلت المرأة بكل المهن  تقريباً ، سواء الوضيعة منها أو الشاقة ، وذلك ضمن ظروف عمل غير إنسانية ، إضافة إلى بخسها بعض حقوقها المالية والإدارية باعتبارها أنثى .

3 – الضوابط الصحية : وتشمل أهمية حفظ صحة المرأة العاملة من الجوانب : الجسمية ، والنفسية ، والتناسلية ؛ بحيث لا يؤثر العمل سلباً على هذه الجوانب من شخصية المرأة ، إلا أن الواقع المعاصر يشير إلى وجود تأثيرات سلبية ضارة على كيان كثير من العاملات بصورة عامة ، مما يدل على سوء الممارسة التطبيقية ، وأن الأحوال البيئية وأنظمة العمل الحالية لا تناسب طبيعة المرأة في كثير من الأحيان .

4 – الضوابط الأسرية : وتُعنى هذه الضوابط بحفظ كيان الأسرة ، باعتبارها وحدة اجتماعية ضرورية ، مع مراعاة قوامة الرجل الأسرية ، وحفظ معدلات خصوبة المرأة ، وتمكينها من ممارسة دورها التربوي في رعاية أبنائها ، وحفظهم من الانحراف ، إضافـــة إلى أهميــــة تجنُّب أزمة صراع الأدوار ، التي لا تكاد تنفك عن تجربة المرأة العاملة ، وقد شهد الواقع العملي الميداني غياب هذه الضوابط ، أو غياب بعضها في حياة كثير من النساء العاملات ، من جهة : الاستغناء بالعمل عن إقامة الأسرة ، وعدم مراعاة حقوق الرجل الأسرية ، أو إهمال تربية الأطفال ، إلى جانب مسألة صراع الأدوار الاجتماعية ، حين تضطر المرأة العاملة إلى القيام بمهمتين ضروريتين متعارضتين في يومها وليلتها .

5 – الضوابط التخصصية : وتُعنى هذه الضوابط برفض مسألة تماثل الأدوار بين الجنسين ؛ بحيث لا يبقى فرق في القيام بالمهن بين الذكور والإناث ؛ إذ لا بد من التخصص المبني على الطبيعة الفطرية للجنسين ، والقدرات المتاحة بينهما ، إضافة إلى الأهمية التربوية في تولي الرجال مهمة تربية وتعليم الطلاب الذكور في جميع المراحل التعليمية ، بما فيها المرحلة الابتدائية ، ومع أهمية هذه المسائل إلا أن الواقع العملي يشهد بانخراط المرأة في جميع ميادين العمل دون استثناء ، إضافة إلى توليها التدريس في المرحلة الابتدائية بالمدارس المختلطة ، حتى قيل بتأنيث وظائف التدريس في المرحلة الابتدائية للجنسين .

6 – الضوابط الحاجية : حيث تهتم هذه الضوابط بمراعاة قيام النهضة الاقتصادية على جهود الرجال ؛ لكونهم المسؤولين عن الشؤون العامة، فلا يصح أن تكون المرأة العاملة عنصراً منافساً لهم ، بحيث يكون عملها سبباً في زيادة البطالـة في الرجال ؛ لكونهــم مكلَّفين شرعاً بأعباء النفقات الأسرية ، فلا بد أن تكون هناك رابطة متبادلة بين المرأة والعمل ، ومع أهمية هذه الضوابط إلا أن الواقع الميداني لم يراعها ؛ فإن منافسة النساء للرجال في أعمالهم قائمة ؛ إذ يقوم كثير من النساء في الميادين الاقتصادية العامة بأعمال يمكن أن يقوم بها الرجال ، مما سبب زيادة نسبة البطالة فيهم ، إضافة إلى وجود نسبة من النساء العاملات ليس لهن غرض من العمل سوى التسلية، وإثبات الذات ، ومن هنا كان لا بد من :

1 – ضرورة إحكام ميادين عمل النساء بالضوابط التي تحكم تشغيلهن، ضمن نطاق منهج الإسلام التربوي ، ووضعها ضمن قوانين العمل في جميع مؤسسات العمل العام .

2 – إبراز المسؤولية التربوية ، والأهمية الاجتماعية لدور المرأة الأسري، في الإنجاب ورعاية الطفولة ، وتضمينها المنهج المدرسي .

3 – التأكيد على اختلاف الطبيعة الفطرية بين الجنسين ، وما ينبني عليها من اختلاف الوظيفة الاجتماعية بينهما ، وإشاعة هذا الفهم عبر برامج إذاعية وتلفزيونية موجهة للمجتمع.

4 – توجيه النساء القادرات على العمل نحو الوظائف التي تحقق لمجتمع النساء القيام بفرض الكفاية ، كالمعلمة ، والطبيبة ، والممرضة ، والأخصائية الاجتماعية ونحوها ، وتهيئة السبل المشروعة لإعدادهن لهذه المهمات الاجتماعية الحيوية .

5 – إغناء النساء المحتاجات بالمخصصات المالية الكافية ، وعدم إلجائهن إلى العمل ، لا سيما النساء غير القادرات ، وغير المؤهلات .

6- عدم اعتبار الوظيفة بالنسبة للمرأة العاملة غنىً ، يحرمها من عطاء الدولة العام عند حاجتها.

7 – دراسة الجدوى الاقتصادية لتشغيل النساء في أعمال يمكن أن يقوم بها الرجال في الحياة العامة ، وإيجابية ذلك وسلبيته على حجم الدخل القومي.